قررت المحكمة الادارية العليا (برئاسة القاضي ماجد الغباري، وعضوية القضاة إبراهيم البطاينة ومحمد الغرير ورجا الشرايري وعدنان فريحات) رد الطعن شكلاً المقدم من الطاعن (ع.ع.ع) لأن لائحة الطعن المقدمة من وكيل الطاعن جاءت خالية من ذكر وقائع الدعوى واقتصرت اللائحة على أسباب الطعن بحكم المحكمة الإدارية.
وقالت المحكمة الادارية العليا أن الطاعن لم يذكر وقائع الدعوى بالمعنى المقصود في المادتين (9/ب/3) و (30/ب) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لسنة 2014) ، وحيث أن النصين المشار إليهما نصان آمران ومن النظام العام وتملك المحكمة إثارتهما من تلقاء ذاتها ولو لم يتعرض لهما الخصوم الأمر الذي يترتب عليه أن يكون هذا الطعن مستوجباً للرد شكلاً وهذا ما جرى عليه اجتهاد محكمتنا في العديد من قراراتها.
وفي تفاصيل هذه القضية كما جاء في قرار المحكمة الادارية المطعون فيه تتلخص بما يلي:
أولاً: المستدعي (ع.ع.ع) يحمل درجة البكالوريوس في القانون، وقد جند بتاريخ (24/4/2002) في دائرة المخابرات العامة برتبة رقيب جامعي، وتدرج في الرتب العسكرية الى أن تم ترفيعه الى رتبة رائد بتاريخ (24/4/2017)
ثانياً: قامت النيابة العامة العسكرية في دائرة المخابرات العامة بالتحقيق مع المستدعي، واعترف أمامهم بارتكاب جريمة الاختلاس وجريمة التزوير في مصدقة كاذبة وجريمة الإخلال بالنظام والانضباط العسكري وجريمة الإفضاء بمعلومات وإيضاحات عن المسائل والامور العسكرية التي ينبغي أن تظل سرية بطبيعتها.
ثالثاً: أوصى (مدير القوى البشرية في دائرة المخابرات العامة) بتاريخ (29/9/2019) إلى (لجنة الضباط في دائرة المخابرات العامة) بالاستغناء عن خدمات المستدعي كون مدة خدمته المقبولة للتقاعد أقل من الحد الأدنى المبين في قانون التقاعد العسكري.
رابعاً: أصدرت (لجنة الضباط في المخابرات العامة) قرارها رقم (87/2019) تاريخ (17/11/2019) المتضمن الاستغناء عن خدمات المستدعي.
خامساً: بتاريخ (27/11/2019) ورد كتاب رئيس الوزراء رقم (16/5/1/48158) الموجه إلى مدير عام دائرة المخابرات العامة متضمناً صدور الإرادة الملكية السامية بالموافقة على الاستغناء عن خدمات المستدعي اعتباراً من (1/12/2019)
سادساً: بتاريخ (8/1/2020) أقام المستدعي دعوى لدى المحكمة الادارية للطعن بقرار (لجنة الضباط في المخابرات العامة) رقم (87/2019) تاريخ (17/11/2019) المتضمن الاستغناء عن خدمات المستدعي.
سابعاً: بتاريخ (22/6/2020) صدر قرار المحكمة الادارية (برئاسة القاضي د. علي أبو حجيلة، وعضوية القضاة د.فايز المحاسنة ونضال المومني) القاضي برد دعوى المستدعي شكلاً للإذعان، وقد سببت المحكمة قرارها وعللته على النحو التالي:
((وعن الدفع بأن الدعوى مردودة شكلاً لكون المستدعي قد قبل بالقرار الطعين وأذعن له وفي ذلك نجد ان المستدعي تقدم باستدعاء الى عطوفة مدير دائرة المخابرات العامة بواسطة مكتب المتقاعدين العسكرين تم قيده بالوارد بتاريخ (5/12/2019) يطلب فيه مساعدته لدى اللجان الطبية للحصول على معلولية كونه تم إنهاء خدماته بتاريخ (1/12/2019) كما تقدم المستدعي بتاريخ (27/1/2020) وبعد إقامة هذه الدعوى باستدعاء الى عطوفة مدير دائرة المخابرات العامة يطلب فيه منحه كتاب لعرضه على اللجان الطبية لغايات الحصول على راتب اعتلال وقد وافق مدير المخابرات العامة بعرض المستدعي على اللجان الطبية بكتابه رقم (2196/1127) تاريخ (27/1/2020) واستلم المستدعي نسخه عن الكتاب المذكور الموجه الى مديرية الخدمات الطبية الملكية/ اللجان الطبية.
وحيث تجد محكمتنا أن المبدأ المقرر في الفقه والقضاء الإداري أن الإذعان للقرار الإداري النهائي يعتبر مانعاً من سماع دعوى الإلغاء واعتبار القبول الإداري مسقطاً للحق بمخاصمة ذلك القرار وأن الاجتهاد القضائي الإداري قد وضع من الضوابط والشروط لاعتباره كذلك وهي:
- أن يصدر عن الطاعن قولاً أو فعلاً إرادياً يدل دلالة واضحة لا افتراضاً وعلى نحو يقطع في دلالته على قبوله بالقرار (عدل عليا رقم 98/2014 وعدل عليا رقم 136/2006 وعدل عليا رقم 234/2013)).
- أن يصدر هذا القبول ممن مسه القرار دون غيره (عدل عليا رقم 12/2004).
- أن تتوافر في الرضا الشروط اللازمة لسلامة الأعمال القانونية من حيث اشتراط الرضا الصحيح ممن صدر عنه وغير المشوب بأي عيب (عدل عليا رقم 98/2014 وعدل عليا رقم 483/2005).
- أن لا يكون القبول مشروطاً أو مقترناً بأية قيود (عدل عليا رقم 62/1968 وعدل عليا رقم 483/2005).
- أن يسبق القبول علم الطاعن بالقرار المطعون فيه، سواء اكان ذلك العلم بتبليغه له أو بما يقوم مقام ذلك من علم يقيني به (عدل عليا 20/1993).
- أن يكون القول او الفعل الذي يمكن اعتباره رضوخاً للقرار موجهاً للسلطة الإدارية مصدرة القرار الإداري دون غيرها (عدل عليا رقم 186/1988 هيئة عامة وعدل عليا رقم 12/2004).
- أن يكون القرار المطعون فيه قراراً فردياً لا تنظيمياً (عدل عليا رقم 84/1987).
- أن تكون الدعوى المقامة هي دعوى الغاء دون غيرها من الدعاوى التي يختص بها القضاء الإداري كما هو الحال في دعوى القضاء الكامل (دعاوى تسوية الرواتب والعلاوات والحقوق التقاعدية)).
- أن لا يكون القرار الفردي المطعون فيه قد انحدر به البطلان الى درجة الانعدام، إذ أن القرار المنعدم لا يلحقه الاذعان.
وقد استقر الاجتهاد القضائي الإداري الأردني على اعتبار الدفع بالإذعان من مقتضيات النظام العام ويجوز إثارته في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وللمحكمة إثارة ذلك من تلقاء نفسها ودون دفع من احد الخصوم في الدعوى، لأن حق المخاصمة هو النظام العام (عدل عليا رقم 21/1971 وعدل عليا رقم 50/1993).
ويترتب على ما سبق أن الإذعان يعتبر نوعاً من الإغلاق الحكمي لباب الطعن في القرار الإداري حتى قبل انقضاء ميعاد الطعن، فإذا تبين من تصرفات صاحب الشأن تجاه مصدر القرار الإداري ما يدل بصوره قاطعه على قبوله به ورضاه عنه فإن حقه يسقط في رفع الدعوى بطلب إلغائه.
وحيث تجد محكمتنا من خلال الوقائع الثابتة في هذه الدعوى ان المستدعي تقدم بتاريخ 5/12/2019 وبتاريخ 27/1/2020 وبعد إقامة هذه الدعوى باستدعاءات وطلبات الى مدير دائرة المخابرات العامة يطلب بموجبها عرضه على اللجان الطبية وحصوله على راتب اعتلال، فإن ما يترتب على ذلك أن المستدعي قد قبل ضمنياً بقرار الاستغناء عن خدماته إذعاناً منه للقرار الطعين، وحيث ان إذعان المستدعي للقرار المطعون فيه وقبوله به يعتبر مانعاً لسماع الدعوى مما يمتنع معه قبول الطعن المقدم منه الأمر الذي يترتب عليه رد الدعوى شكلاً للإذعان)).
مركز إحقاق للدراسات القانونية