تنص المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية رقم 17 لسنة 2015 على ما يلي:
(يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار).
وقد استقرت اجتهادات المحاكم على أن تحريك الدعوى العامة بشأن جريمة مخالفة أحكام المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية محكوم بالقواعد العامة التي تنظم تحريك دعوى الحق العام بشأن جرائم الذم والقدح والتحقير المنصوص عليها بقانون العقوبات.
ونذكر من هذه الاجتهادات ما يلي:
أولاً: قرار محكمة استئناف عمان رقم (4095/2017) الصادر بتاريخ (30/1/2017) الذي جاء فيه:
((ان ادعاء المشتكي لدى سماع شهادته بقيام المستأنف تحقيره بعبارة (انتا رخيص) والتي ارسلها له عبر الفيس بوك قبل واقعة الاستيلاء على الحساب بحوالي الشهر تنطبق واحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية والمتمثلة بالتحقير عبر ارسال رسالة عن طريق الشبكة المعلوماتية، إلا أننا نجد ان تحريك الدعوى العامة بشأن هذا الجرم محكوم بالقواعد العامة التي تنظم تحريك دعوى الحق العام بشان جرائم الذم والقدح والتحقير المنصوص عليها بقانون العقوبات، و حيث ان هذه القواعد تقتضي اقامة المشتكي من نفسه مدعيا بالحق الشخصي وان المشتكي لم يفعل ذلك، كما ان المشتكي قد اسقط شكواه امام المحكمة وان جرائم الذم والقدح والتحقير تسقط بإسقاط الحق الشخصي، فيكون تحريك دعوى الحق العام بشان هذا الجرم في غير محله ومخالف للقانون، وكان على محكمة الصلح السير بالدعوى المعروضة عليها والالتزام بعينيتها واستكمال اجراءات المحاكمة حسب الاصول وحسب اسناد النيابة))
ثانياً: قرار محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الاستئنافية رقم (433/2020) الصادر بتاريخ (28/5/2020) الذي جاء فيه:
((وبتاريخ 16/1/2020 صدر قرار مدعى عام جنوب عمان في القضية التحقيقية رقم (228/2020) بإحالة ملف الدعوى الى محكمة صلح جزاء جنوب عمان لملاحقة المستأنف ضدها بجرم مخالفة أحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية.
وبتاريخ 12/2/2020 أصدرت محكمة صلح جزاء جنوب عمان قرارها محل الطعن رقم (565/2020) والمتضمن اسقاط دعوى الحق العام تبعا لإسقاط الحق الشخصي فتقدم مدعي عام عمان بهذا الطعن.
في الشكل:
صدر القرار المستأنف بتاريخ 12/2/2020 وتقدم مدعي عام عمان باستئنافه بتاريخ 5/3/2020 فيكون الطعن مقبول شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية.
وفي الموضوع:
نصت المادة (3/3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم 32 لعام 2017 والنافذ بتاريخ 26/2/2018 نصت: (في الدعاوى الجزائية الصلحية الاخرى التي ترفع من المشتكي مباشرة اذا لم يقم المشتكي بمتابعة شكواه مدة تزيد على ستة أشهر جاز للمحكمة اسقاط دعوى الحق العام.
وان المادة (167) من قانون اصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم 32 لعام 2017 النافذ بتاريخ 26/2/2018 نصت: (في المحاكمات التي تجري امام قاضي الصلح وغيرها التي لا يفرض القانون تمثيل النيابة فيها يجوز للشاكي او وكيله القيام بدور ممثل النيابة العامة من حيث تسمية البينة وتقديمها واستجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب اجراء الخبرة ان كان لها من مقتضى).
وان قرار مجلس تفسير القوانين رقم (8) لعام 2015 تاريخ 19/10/2015 والذي لم يتم الغائه بقرار مماثل قد كرس مبدأ ان جرائم الذم والقدح المرتكبة بواسطة قانون الجرائم الالكترونية يطبق عليها احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية.
وبتطبيق القانون
ولأن القانون في المادة (3/3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية المعدل أعلاه أجاز اسقاط دعوى الحق العام في الحالات التي لا يتابع فيها المشتكي شكواه لدى محكمة الصلح مدة تزيد على ستة أشهر فمن باب أولى اسقاط دعوى الحق العام اذا صرح المشتكي انه لا يرغب بمتابعة شكواه ودون انتظار انتهاء المهلة القانونية.
ولأن المشتكية صرحت انها لا ترغب بمتابعة شكواها واسقطت حقها الشخصي عن المستأنف ضده فيكون قرار محكمة الصلح بإسقاط دعوى الحق العام تبعا لذلك لا يخالف القانون بالنتيجة دون التعليل والتسبيب))
ثالثا: قرار محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الاستئنافية رقم (411/2020) الصادر بتاريخ (28/5/2020) الذي جاء فيه:
((وبتاريخ 4/8/2019 صدر قرار مدعى عام جنوب عمان في القضية التحقيقية رقم (3283/2019) بإحالة ملف الدعوى الى محكمة صلح جزاء جنوب عمان لملاحقة المستأنف ضده بالجرائم المسندة اليه وهي:
الذم والقدح والتحقير خلافا لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية.
التهديد عبر وسائل الاتصال خلافا لأحكام المادة (75/أ) من قانون الاتصالات.
وبتاريخ 9/2/2020 أصدرت محكمة صلح جزاء جنوب عمان قرارها محل الطعن رقم (5771/2019) والمتضمن اعلان براءة المستأنف ضده من الجرائم المسند اليه لعدم قيام الدليل القانوني الكافي بحقه فتقدم مدعي عام عمان بهذا الطعن.
في الشكل:
صدر القرار المستأنف بتاريخ 9/2/2020 وتقدم مدعي عام عمان باستئنافه بتاريخ 4/3/2020 فيكون الطعن مقبول شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية.
وفي الموضوع:
ان المادة (167) من قانون اصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم 32 لعام 2017 النافذ بتاريخ 26/2/2018 نصت: (في المحاكمات التي تجري امام قاضي الصلح وغيرها التي لا يفرض القانون تمثيل النيابة فيها يجوز للشاكي او وكيله القيام بدور ممثل النيابة العامة من حيث تسمية البينة وتقديمها واستجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب اجراء الخبرة ان كان لها من مقتضى).
وان قرار مجلس تفسير القوانين رقم (8) لعام 2015 تاريخ 19/10/2015 والذي لم يتم الغائه بقرار مماثل قد كرس مبدأ ان جرائم الذم والقدح المرتكبة بواسطة قانون الجرائم الالكترونية يطبق عليها احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية.
وبتطبيق القانون
تجد أن المشتكي تخلف عن حضور جلسات المحاكمة منذ تاريخ 11/9/2019 ولم يقدم أية بينة خلافا لأحكام المادة (167) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ويكون قرار محكمة الصلح موافقا للقانون عند الحكم بالبراءة مما يستوجب رد الطعن موضوعاً))
رابعاً: قرار محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الاستئنافية رقم (446/2020) الصادر بتاريخ (12/5/2020) الذي جاء فيه:
((وبتاريخ 28/7/2019 اصدر مدعي عام جنوب عمان القرار رقم 3170/2019 بإحالة الدعوى الى محكمة صلح جزاء جنوب عمان صاحبة الصلاحية والاختصاص بنظر الدعوى لملاحقة المستأنف ضدهما بجنحة نشر عبارات عبر الشبكة المعلوماتية تنطوي على ذم وقدح وتحقير وتهديد خلافا لأحكام المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية.
وبتاريخ 28/7/2019 اصدرت محكمة صلح جزاء جنوب عمان قرارها محل الطعن رقم 5557/2019 يقضي بوقف ملاحقة المستأنف ضدهما عن جرائم الذم والقدح والتحقير وفقا لأحكام المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية المسندة اليهما لعدم اتخاذ المشتكية صفة الادعاء بالحق الشخصي عملا بأحكام المادة 364 من قانون العقوبات.
ثم صدر قرار هذه المحكمة رقم 2818/2019 بفسخ القرار لسماع الدفاع فصدر قرار محكمة الصلح محل الطعن رقم 7276/2019 والمتضمن براءة المستأنف ضدهما من الجرم المسند اليه فتقدم المدعى العام بهذا الطعن.
في الشكل:
صدر القرار المستأنف بتاريخ 9/2/2020 ، وتقدم المدعى العام باستئنافه بتاريخ 5/3/2020 فيكون الطعن مقبول شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية.
في الموضوع:
وفي القانون نجد:
ان المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية نصت (يعاقب كل من قام بإرسال او اعادة ارسال او نشر بيانات او معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او اي نظام معلومات تنطوي على ذم او قدح او تحقير اي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 200 دينار).
وان المادة 15 من ذات القانون نصت (كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية او أي نظام معلومات او موقع الكتروني او اشترك او تدخل او حرض على ارتكابها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع).
وان المادة 167 من قانون اصول المحاكمات الجزائية نصت (في المحاكمات التي تجري أمام قاضي الصلح وغيرها التي لا يفرض القانون تمثيل النيابة فيها يجوز للشاكي أو وكيله حضور المحاكمة والقيام بدور ممثل النيابة فيها من حيث تسمية البينة وتقديمها بما في ذلك استجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب إجراء الخبرة).
وفي الموضوع ورداً على سببي الطعن حول تخطئة محكمة الصلح بالنتيجة التي توصلت اليها ومسوغات الحكم نجد:
انه وفي ضوء ان المشتكية تمثل النيابة العامة لدى محاكم الصلح عملا بالمادة 167 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ولان المشتكية ابدت انه لا ترغب بمتابعة الشكوى واسقطت حقها الشخصي ولان الصلح يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي وفق المادة 647 من القانون المدني وبذلك تكون المشتكية لم تقدم الدليل على ارتكاب المستأنف ضدهما للجرم المسند اليه بحدود المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية وبالوسائل الواردة فيها من خلال اثبات وجود عبارة الشكوى “اخلصت من الناس الرخيصه” على تطبيق التراسل الفوري “الواتس اب” الخاص بالمستأنف ضدهما وتكون شهادة المشتكية غير كافية للإدانة ولان محكمة الصلح توصلت لذات النتيجة مما يستوجب رد الطعن موضوعاً))
خامساً: قرار محكمة بداية جزاء الرصيفة بصفتها الاستئنافية رقم (439/2020) الصادر بتاريخ (15/3/2020) الذي جاء فيه:
((وبالرد على السبب الأول من أسباب الاستئناف ومفاده تخطئة محكمة الدرجة الأولى بالنتيجة التي توصلت إليها بوقف ملاحقة المستأنف ضدهن عن الجرم المسند إليهن لعدم اتخاذ المشتكية صفة الادعاء بالحق الشخصي.
وفي ذلك نجدّ أنّ المادة (189) من قانون العقوبات نصت على أنه: (( 1- …… 2…..
3- الذم أو القدح الخطي ، وشرطه أن يقع:
أ. بما ينشر ويذاع بين الناس أو بما يوزع على فئة منهم من الكتابات أو الرسوم أو الصور الاستهزائية أو مسودات الرسوم (الرسوم قبل أن تزين وتصنع).
ب. بما يرسل إلى المعتدى عليه من المكاتيب المفتوحة (غير المغلقة) وبطاقات البريد.
- الذم أو القدح بواسطة المطبوعات وشرطه أن يقع:
أ. بواسطة الجرائد والصحف اليومية أو الموقوتة.
ب. بأي نوع كان من المطبوعات ووسائط النشر))
كما نصت المادة (190) من القانون ذاته على أنه: (التحقير : هو كل تحقير أو سباب – غير الذم والقدح – يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم ….)
وباستقراء المادتين المذكورتين يتبيّن أنّ المشرع تكلم بشكل واضح عن وسائط النشر والكتابة بشكل عام دون تحديدها أو ضبطها بوسائط النشر أو الكتابة التقليدية وبالتالي لا يجوز إخراج وسائط النشر والكتابة الإلكترونية من عداد هذه الوسائل حيث أن المعول عليه بنظر المشرع هو ليس وسيلة النشر بل النشر ذاته الذي يؤلف جرائم الذم والقدح والتحقير وأن وسيلة النشر الإلكترونية لا تعدو مجرد كونها ظرفاً مشدداً وهو ما حرص على تأكيده المشرع العربي في الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة (21) من الاتفاقية والتي صادق عليها الأردن بتاريخ 8/1/2013 بنصها:(تلتزم كل دولة طرف بتشديد العقوبات على الجرائم التقليدية في حال ارتكابها بواسطة تقنية المعلومات).
وحيث ولئن لم يأت المشرع في المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية على الحظر القانوني المتمثل بعدم جواز الملاحقة في دعاوى الذم والقدح والتحقير إلاّ بناء على اتخاذ المجني عليه صفة الادعاء بالحق الشخصي لكنه في الوقت نفسه لم يقض صراحة هذا الحظر القانوني ممّا يقتضي تفعيل الأصل العام بخصوص ذلك الحظر القانوني لأنه لا يجوز الالتفات عن هذا الحظر القانوني بشأن الملاحقة طالما لم يرد نص في قانون الجرائم الإلكترونية على خلاف ذلك، فافتراض الخروج على الأصل العام افتراضاً دون وجود نص تشريعي يحول هذا الافتراض إلى استثناء حقيقي هو افتراض غير قانوني لأنّ من شأنه إفراغ الأصل العام من مضمونه دون ورود استثناء عليه ويخالف قاعدة عدم جواز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم وقاعدة الاستنتاج بالموافقة التي تقوم على إعطاء واقعة مسكوت عنها حكم الواقعة المنصوص عليها لاتحاد العلة في الواقعتين طالما أن علة التجريم هي النشر وليست وسيلته التي لا تعدو كونها مجرد ظرف مشدداً، وهو ما يؤكده أيضاً احتواء قانون الجرائم الإلكترونية على مادة عامة وهي المادة (15) منه والتي تجرم كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات أو موقع الكتروني أو اشترك أو تدخل أو حرض على ارتكابها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع)) الأمر الذي يعني أنّ المعول عليه بنظر المشرع هو الجريمة وليست وسيلة ارتكابها، ومن ثم فيكون من غير المستساغ قانوناً الاعتماد على وسيلة الجريمة لإقصاء شرط اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي كشرط لازم للملاحقة في جرائم الذم والقدح والتحقير أو استبعاد سقوطها بالصفح كما هو الشأن بالنسبة للجرم المبحوث عنه أو جرم الابتزاز الإلكتروني المنصوص عليها في المادة (415) من قانون العقوبات أو تعطيل صلاحية المحكمة في وقف تنفيذ العقوبة المنصوص عليها في المادة (427 مكررة) من قانون العقوبات في جنحة الاحتيال بما فيها الاحتيال الإلكتروني في حال تنازل الشاكي عن شكواه أو تعطيل الإعفاء من العقاب المنصوص عليه في المادة (425) من قانون العقوبات لمجرد كون السرقة التي وقعت بين الأصول والفروع أو الزوجين تمت باستخدام الشبكة المعلوماتية أو تعطيل التخفيض الوجوبي للعقوبة المنصوص عليه في المادة (427) من قانون العقوبات في حال إعادة المال المسروق إلكترونياً أو الذي تم الاستيلاء عليه عن طريق الاحتيال الإلكتروني قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة.
وبناء على ما تقدم، وحيث أنّ سكوت النص ما هو إلا دلالة واضحة على ترك هذا الموضوع ضمن الأصل العام ويحيلنا بالضرورة على النص العام، وحيث أن المادة (364) من قانون العقوبات أوقفت الملاحقة في جرائم الذم والقدح والتحقير على اتخاذ المجني عليه صفة الادعاء بالحق الشخصي، وحيث لم يرد في ملف الدعوى ما يشير إلى اتخاذ المشتكي تلك الصفة، فيكون ما توصلت إليه محكمة الدرجة الأولى بوقف الملاحقة من حيث النتيجة فقط في محله لا من حيث التعليل والتسبيب))
سادساَ: قرار محكمة صلح جزاء غرب عمان رقم (2329/2020) الصادر بتاريخ (21/5/2020) الذي جاء فيه:
((وفي القانون: نصت المادة (52) من قانون العقوبات على (إن صفح المجني عليه يسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية في أي من الحالات التالية:
1- اذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى.
2- إذا كان موضوع الدعوى هو إحدى الجنح المنصوص عليها في المواد (221) و(227) و(333) و(349) و(350) و(374) و(382) و(408) و(409) و(410/1) و(412/1، 2) و(444) و(446) و(447) و(448) و(449) و(450) و(451) و(452) و(453) و(465) من هذا القانون ما لم تتحقق احدى حالات التكرار).
نصت المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية على {يعاقب كل من قام قصدا بإرسال او اعادة ارسال او نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او اي نظام معلومات تنطوي على ذم او قدح او تحقير اي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) الفي دينار}.
وفي الاجتهاد القضائي:
قضت محكمة التمييز الموقرة “إن قيام المتهم بإرسال صور المشتكية عن طريق تطبيق الواتس اب وهو يحتضنها إلى صديقتها وإرسال صور المشتكية وهي عارية إضافة لصورهما ومعا يمارسان الجنس إلى والدتها وإن أخذه لهذه الصور كان برضاها فإن ذلك لا يُشكل جناية هتك العرض …. إلا أن فعله ينطبق عليه أحكام المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية وبدلالة المادة (188/2) من قانون العقوبات لأن فعل المتهم المتمثل بإرسال صور المشتكية إلى صديقاتها والمتهم يحتضنها وإرسال صور المشتكية وهي عارية إلى والدتها تعد من قبيل القدح وفق أحكام المادة (188/2) من قانون العقوبات لأنه اعتداء على شرفها أمام صديقاتها وعائلتها”. (تمييز جزاء رقم 586/2018، تاريخ 28/2/2018).
وقضت محكمة استئناف عمان “ان ادعاء المشتكي لدى سماع شهادته بقيام المستانف تحقيره بعبارة (انتا رخيص) والتي ارسلها له عبر الفيس بوك قبل واقعة الاستيلاء على الحساب بحوالي الشهر تنطبق واحكام المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية والمتمثله بالتحقير عبر ارسال رسالة عن طريق الشبكة المعلوماتيه ، الا اننا نجد ان تحريك الدعوى العامة بشان هذا الجرم محكوم بالقواعد العامة التي تنظم تحريك دعوى الحق العام بشان جرائم الذم والقدح والتحقير المنصوص عليها بقانون العقوبات، و حيث ان هذه القواعد تقتضي اقامة المشتكي من نفسه مدعيا بالحق الشخصي وان المشتكي لم يفعل ذلك ، كما ان المشتكي قد اسقط شكواه امام المحكمة وان جرائم الذم والقدح والتحقير تسقط باسقاط الحق الشخصي، فيكون تحريك دعوى الحق العام بشان هذا الجرم في غير محله ومخالف للقانون” (قرار محكمة استئناف عمان رقم (4095/2017) تاريخ 30/1/2017)
وبتطبيق القانون على هذه الدعوى وفيما يتعلق بالجرم الذم والقدح والتحقير بوسيلة الكترونية المسند للمشتكى عليه، وعِمادها واحد وهو استحداث الجاني لوسيلة جديدة في ارتكاب جريمة تقليدية.
تجد المحكمة أن مناط الفصل في الشكوى الماثلة يتوقف على بيان فيما إذا كان هذا الجُرم من الجرائم التي تسقط دعوى الحق العام فيها تبعاً لإسقاط الحق الشخصي أم أنها من الجرائم التي تُلاحق عفواً ويكون لإسقاط الحق الشخصي فيها دوراً ضمن الأسباب المخففة التقديرية إن ارتأت محكمة الموضوع ذلك.
وفي ذلك تجد محكمتنا أن ما ورد في المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية والمادة (75/أ) من قانون الاتصالات وإن كان من قبيل مواد الإسناد لا الدلالة وذلك لتضمنه عقوبة أصلية ومستقلة ولم يتضمن عقوبة تكميلية (في هذا المعنى انظر لطفاً تمييز جزاء رقم 1934/2014).
إلا أن محكمتنا تجد أيضاً أن ما جاء في كلا المادتين قد جاء تشديداً لأوصاف جرمية موجودة مُسبقاً كما هو الحال بشأن رسائل الذم والقدح والتحقير في قانون الجرائم الالكترونية أو كما هو الحال بشأن رسائل الإهانة أو جاء ليُضيف وسيلة جديدة لارتكاب جرم معين لم يتكن القواعد التقليدية تستوعب تلك الوسيلة كما هو الحال بشأن رسائل التهديد، ذلك أن الأصل في العلم الجنائي أن الوسيلة التي يتم بها ارتكاب الجرم ليست ذات أثر في بنيانه القانوني ما لم يتدخل المُشرع صراحةً ويجعل من الوسيلة محل اعتبار في الركن المادي للجرم.
ولما كان الأمر كذلك، وكان جُرم التهديد بصوره الواردة ضمن المواد (349-354) من قانون العقوبات وجرائم الذم والقدح والتحقير بصورها الواردة ضمن المواد (188-190) من القانون ذاته هي من جرائم الوسيلة؛ أي الجرائم التي رتّب المشرع عدة نماذج قانونية بشأنها بالبناء على الوسيلة التي تتم بها، إلا أن المُشرع وعندما برزت حركة الاتصالات في المجتمع الأردني ولكون التشريع متطور واجتماعي وظيفته مواكبة المستجدات التي يواجهها المجتمع المُخاطب بالتشريع، قد تفطن إلى أن هنالك جرائم تتم بوسائل اتصال لا يُمكن أن تندرج ضمن أي صورة من الصور الواردة في التشريع التقليدي.
ومحكمتنا تسوق في ذلك مثال توجيه عبارة تُشكل ذماً أو قدحاً بواسطة رسالة نصية، فوفق القواعد العامة في قانون العقوبات لا يُمكن أن يُتصور هذا الجرم لانتفاء ركن العلانية بشأنه ابتداءً وطالما أن الرسالة النصية موجهة من مُطلق العبارة إلى مُستقبلها، وكذلك بشأن التحقير؛ فالرسالة النصية لا تُعد وبأي صورة من صور نوعاً من أنواع الوجاهية.
وكذلك تسوق محكمتنا في ذلك مثال إرسال رسالة تتضمن الوعيد بأمر غير محق بواسطة رسالة نصية، فمثل هذا الوعيد لا يُعد مكتوباً على أرض الواقع وإنما هو مكتوب افتراضيّ، وكذلك لا يُعد من قبيل التهديد الشفاهي وبطبيعة الحال لا يُعد تهديداً بوسيلة من وسائل العلانية المحددة في المادة (73) من قانون العقوبات.
وخلاصة القول مما سبق أن نص المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية ونص المادة (75/أ) من قانون الاتصالات لم يأتيا بنموذج تجريمي مستقل وجديد بالكامل، وإنما جاءا ليُكملا نقصاً في وسيلة يتم بها ارتكاب جرائم اعتد المُشرع بشأنها مسبقاً بوسائل محددة حصراً.
ولما كانت تلك المادتين ذوات دور تكميليّ، فإن ذلك يعني أنها لم تنسلخ عن سائر القواعد الناظمة للنصوص القانونية التي جاءت لتكملها، وسواءً أكانت تلك القواعد موضوعية؛ كبيان مفهوم التهديد أو الذم أو القدح، أو كانت إجرائية تتعلق بالملاحقة ابتداءً وبمآل دعوى الحق العام فيما إذا طرأ عليها ما يستوجب إسقاطها.
وما يؤكد ذلك ما ورد في قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين الموقر رقم (8) لسنة (2015) والذي ينزل منزلة القانون وفقاً للمادة (123) من الدستور، حيث بيّن الديوان “أن قانون الجرائم الالكترونية هو قانون خاص أعاد تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بجرائم الذم والقدح”؛ فالديوان ذهب إلى وجهة النظر التي تبنتها المحكمة من أن تلك القوانين الخاصة المستحدثة جاءت لتعيد تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بالجرائم التقليدية ولم تأتِ لتوجد أحكاماً مستحدثة بالكامل.
ويؤكد ذلك ما ورد في قرار محكمة التمييز المُشار إليه أعلاه عندما أشارت إلى أن فعل المتهم يُشكل قدحاً للمجني عليها وفقاً للمادة (188/2) من قانون العقوبات والمادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية، فمحكمتنا العُليا الموقرة أشارت صراحةً إلى أن المادة (11) ذات دور تكميلي وإلا ما كان لها حاجة في أن تشير إلى المادة (188/2) من قانون العقوبات وتؤكد عليها في قرارها.
بالإضافة إلى توجه محكمة استئناف عمان المُشار إليه أعلاه والذي أشارت فيه صراحةً إلى أن الجرم الوارد في المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية هو من الجرائم التي تسقط دعوى الحق العام فيها بنتيجة إسقاط المجني عليه أو وليه لحقه الشخصي.
وبالبناء على ما سبق، وحيث أن جرم التهديد بصوره الواردة في المواد (351-354) من قانون العقوبات وكذلك جرائم الذم والقدح والتحقير هي من الجرائم التي تتوقف الملاحقة فيها على شكوى المتضرر أو اتخاذه لصفة الادعاء بالحق الشخصي، ولما كانت المادة (52) من قانون العقوبات قد جعلت من إسقاط الحق الشخصي من قبل المجني عليه في مثل هذه الجرائم سبباً لإسقاط دعوى الحق العام، وحيث أن ما ورد في المادة (52) من قانون العقوبات يُعد من قبيل القواعد التقليدية التي لم تأتِ المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية ولا المادة (75/أ) من قانون الاتصالات بما ينسخ حكمها أو يستوجب تركها وفقاً للتأصيل الذي سبق بيانه، من حيث أن ما جاءت به كل المادتين هو دور تجريمي تكميلي لا دور مستقل بالكامل، فإن ذلك يعني أن كلا المادتين تخضعان لحكم المادة (52) من قانون العقوبات وذلك بالتبعية؛ لخضوع الجرائم التي جاءت كل المادتين لتكملها إلى تلك المادة، ويكون إسقاط الحق الشخصي في جرائم إرسال رسائل ذم أو قدح أو تحقير بواسطة الشبكة المعلوماتية أو إرسال رسائل إهانة أو تهديد بوسيلة من وسائل الاتصال من الجرائم التي يترتب على إسقاط الحق الشخصي فيها إسقاط دعوى الحق العام.
وحيث إن المشتكي قد أسقط حقه الشخصي عن المشتكى عليه، فإن ذلك يكون موجباً لإسقاط دعوى الحق العام دون الحاجة للبحث في صحة الواقعة الجرمية وثبوت الفعل الجرمي من عدمه، وذلك على ضوء التأسيس الذي سبق بيانه. ذلك أن الاجتهاد القضائي والفقهي مستقر على أنه لا طائل من البحث في أركان الجريمة التي تسقط تبعاً لإسقاط الحق الشخصي؛ (ذلك أن هذا الإسقاط يحدث أثره بقوة القانون حتى ولو لم يتمسك به المتهم، فإذا كانت الدعوى في مرحلة التحقيق او الاستدلال فيجب على النيابة صرف النظر عنها لإنقضائها بالتنازل، وإذا كانت أمام محكمة الموضوع فيجب على المحكمة أن تقضي بالإسقاط ولو من تلقاء نفسها ولا يجوز للمتهم أن يطلب الاستمرار في الدعوى لإثبات براءته…. لأن انقضاء الدعوى الجنائية أياً كان سببه من النظام لعام) – رؤوف عبيد، مبادئ الاجراءات الجنائية في القانون المصري، منشورات دار الفكر العربي، ص86))
سابعاً: قرار محكمة صلح جزاء عمان رقم (5963/2020) الصادر بتاريخ (19/5/2020) الذي جاء فيه:
((وبالنسبة لجرم نشر او ارسال ما ينطوي على ذم وقدح وتحقير بحق شخص تجد المحكمة وان صح القول من ان قانون الجرائم الالكترونية وفي الاحكام الواردة فيه قد تضمن نصوصا تجريمية تتعلق بالجريمة محل هذه الدعوى ، فان المحكمة تجد ان هذه النصوص التجريمية انما تعلقت ببيان وسيلة ارتكاب الجريمة وتحديد العقوبة المترتبة تبعا لذلك الا انها لم تمس كافة شروط واركان الجرائم الواجب توافرها لقيام حالة التجريم بل بقيت هذه الشروط تخضع للقواعد العامة الواردة في قانون العقوبات بخصوص جرائم الذم والقدح والتحقير وفضلا عن ذلك وتبعا لذات السياق فان المحكمة تجد ان كافة المفاعيل والاثار القانونية الواردة في قانون العقوبات والمتعلقة بتحريك دعوى الحق العام من حيث اشتراط وجود الشكوى او الادعاء بالحق الشخصي او اسقاط الحق الشخصي او صفح الفريق المتضرر تبقى واجبة الاعمال اذ ان قانون الجرائم الالكترونية لا يوجد به ما يشير الى تعطيل هذه المفاعيل القانونية ، وذلك ان المشرع اشترط في بعض الجرائم ضرورة تقديم شكوى من المتضرر او اتخاذ صفة المدعي بالحق الشخصي لإمكان تحريك دعوى الحق العام لكونها جرائم بسيطة ولا تتعدى حدود الجنح ولان العنصر المدني او الحق الشخصي اقوى واشد من العنصر الجزائي والحق العام ، وان الضرر الخاص فيها اظهر من الضرر العام فانه يقتضي والحالة هذه الرجوع الى الاحكام العامة الواردة في شانها ضمن قانون العقوبات وعليه وحيث تم اسقاط الحق الشخصي الأمر الذي يغدو اسقاط دعوى الحق العام))
ثامناً: قرار محكمة صلح جزاء عمان رقم (21004/2019) الصادر بتاريخ (17/12/2019) الذي جاء فيه:
((في القانون:
نصت المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية على ( يعاقب كل من قام قصدا بارسال او اعادة ارسال او نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية او الموقع الالكتروني او اي نظام معلومات تنطوي على ذم او قدح او تحقير اي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) الفي دينار) .
ونصت المادة 52 من قانون العقوبات بعد التعديل الذي طرأ عليها بموجب القانون المعدل رقم 27 لسنة 2017 قانون معدل لقانون العقوبات على (إن صفح المجنى عليه يسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية في أي من الحالات التالية:
إذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى.
إذا كان موضوع الدعوى هو احدى الجنح المنصوص عليها في المواد 221 و 227 و 333 و 349 و 350 و 374 و 382 و 408 و 409 و 410/1 و 412/1،2 و 444 و 446 و 447 و 448 و 449 و 450 و 451 و 452 و 453 و 465 من هذا القانون ما لم تتحقق إحدى حالات التكرار)
كما نصت المادة 364 من قانون العقوبات على أنه (تتوقف دعاوى الذم والقدح والتحقير على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي الشخصي)
وبتطبيق القانون على الوقائع الثابتة تجد المحكمة:
إن جرائم الذم والقدح والتحقير من بين أهم الجرائم التي كانت وما زالت لها صدى كبير على إثر التطور التكنولوجي الحديث، والذي ساهم بشكل واضح في تفشيها وإخراجها من أبعادها المحدودة إلى أبعاد جديدة تعتمد التقنية الحديثة في تنفيذها وبأساليب مبتكرة ، لا سيما مع بروز خبراء متخصصين يتمتعوا بالخبرة في تطويع التقنية الحديثة لارتكاب هذه الجرائم على نحو من شأنه ازدياد نسبة ارتكاب هذه الجرائم بشكل كبير ، وهو ما دعا المشرع الأردني إلى تقنين نص المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية المشار اليها إذ أنّه وباستقراء المادة سالفة الذكر تتجلى لنا سياسة المشرع الأردني نحو التشدّد مع من يرتكب هذه الجرائم عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة بتغليظ العقوبة ، وذلك على خلاف ما هو الحال عليه بالنسبة لهذه الجرائم اذا ما ارتكبت بصورتها التقليدية ، والواضح أيضاً لنا أنّ غاية المشرع من هذا النص ليس إلا لإسباغ الصفة التجريمية على الذم والقدح والتحقير إذا ما ارتكبت من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة ، فالنص لم يحدّد أو يضيف أركان جديدة لهذه الجرائم بموجب هذا النص ، كما أنّه لم يقنّن أي أحكام خاصة بها ، فنص المادة 11 ما جاء إلا ليجرم الذم والقدح والتحقير عندما يرتكب من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة فالشبكة المعلوماتية والموقع الالكتروني ونظام المعلومات ما هي إلا وسائل ترتكب من خلالها جرائم الذم والقدح والتحقير، وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية لقانون جرائم أنظمة المعلومات الإلكترونية المؤقت الملغي رقم 30 لسنة 2010 – والذي كان يتضمن مجموعة من النصوص التجريمية التي تتطابق إلى حد كبير مع ما هو منصوص عليه في قانون الجرائم الإلكترونية رقم 27 لسنة 2015 – حيث جاء فيها ” … بالإضافة إلى ذلك فإنّ التشريعات الجزائية القائمة قبل نفاذ هذا القانون لم تعد تستطع مواكبة تطور جرائم أنظمة المعلومات . وبالتالي لا تستطيع المحاكم في كثير من الحالات فرض عقوبات على مرتكبي الأفعال الجرمية التي ارتكبت باستخدام وسائل الكترونية لعدم وجود نصوص تجرّم هذه الأفعال … كما يعالج القانون الجرائم التقليدية التي عالجتها التشريعات القائمة قبل نفاذ هذا القانون والتي تمّ ارتكابها باستخدام أو عبر أنظمة أو شبكات المعلومات . ولهذه الغاية فقد تم النص في هذا القانون على تجريم استخدام انظمة أو شبكات المعلومات لارتكاب أو الاشتراك أو التحريض على ارتكاب الجرائم التقليدية ”
وبناءً على ذلك فإنّ كل ما ورد بشأنه نص خاص في قانون الجرائم الإلكترونية يكون الأولى بالتطبيق من غيره من النصوص الأخرى في أي تشريع آخر باعتباره قانون خاص وأنّ القانون الخاص يقيّد القانون العام كما هو الحال بالنسبة لنصوص المواد (14 و 16 و17 ) من هذا القانون والمتعلقة بأحكام الإشتراك الجرمي والتكرار والاختصاص القضائي في الجرائم الإلكترونية ، أما فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون الجرائم الإلكترونية فإنّه يرجع بشأنه إلى الأحكام العامة في قانوني العقوبات والأصول الجزائية باعتبارهما الشريعة العامة للأحكام الموضوعية والإجرائية الجزائية ، ومن ذلك إسقاط دعوى الحق العام على ضوء إسقاط الحق الشخصي في الجرائم التي تتوقف الملاحقة فيها على الإدعاء بالحق الشخصي ، كما هو الحال بالنسبة لجرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة خلافاً لأحكام المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية وفقاً لصراحة نص المادة (364) من قانون العقوبات والتي جاء فيها ” تتوقف دعاوى الذم والقدح والتحقير على اتخاذ المعتدى عليه صفة المدعي بالحق الشخصي ” ، حيث نصت المادة (52) من قانون العقوبات على أنّه ” إن صفح المجني عليه يسقط دعوى الحق العام والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتيب الدرجة القطعية في أي من الحالات التالية : 1- إذا كان الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم الشكوى ” ، فالنص جاء عاماً لم يفرّق فيما إذا ارتكبت الجريمة بوسيلة الكترونية أم لا ، وبالمقابل لم يرد نص خاص في قانون الجرائم الالكترونية فيما يتعلق بأحكام اسقاط الحق الشخصي على خلاف ما ورد من أحكام خاصة في المواد (14 و16 و17) منه بالرغم من وجود نصوص تعالج ذات الموضوع التي تتناوله هذه المواد في قانون العقوبات ، مما يقتضي بطبيعة الحال تطبيق الأحكام العامة في قانون العقوبات فيما يخص إسقاط الإدعاء بالحق الشخصي وأثره على دعوى الحق العام بالنسبة لجرائم الذم والقدح والتحقير التي ترتكب خلافاً لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية ، وهذا ما يستشف من قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 1670/2005 وقرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 819/2006 ان المشرع نص على الوسيلة التي تقوم بها جريمة الذم والقدح والتحقير بدلالة المواد 188 و 189 و 190 من قانون العقوبات وهو القانون العام يشكل اصلا عاما للجريمة والعقوبات وجاء النص على الوسيلة في نص المادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية باعتباره نصا خاصا ، وانه وفي حال لم يكن هناك نص يمكن الرجوع الى النص العام كما في حال اسقاط الحق الشخصي ، وعلى ضوء قيام المشتكي باسقاط حقه الشخصي عن المشتكى عليهما وحيث ان المشرع من خلال التعديلات الاخيرة من قانون العقوبات الساري المفعول والواجب التطبيق قد توسع في سياسة اسقاط دعوى الحق العام بناءا على اسقاط الحق الشخصي انسجاما مع المبدأ العام المتعلق بالعدالة الجزائية التصالحية الجاري العمل به وفق التشريعات الحديثة في الدعاوى التي لا تؤثر على الحق العام من جهة وتتعلق بحق شخصي من جهة اخرى ، وعليه وحيث ان العدالة الجزائية تتطلب قراءة النصوص كوحدة واحدة لتحقيق الغاية منها فانه يتعين على المحكمة وفي مثل هذا النوع من الجرائم الرجوع الى الاصل العام واعتبار اسقاط الحق الشخصي يسقط دعوى الحق العام0
(انظر تمييز جزاء رقم 1670/2005 و 819/2006 ) وقرار محكمة الاستئناف رقم 1542/2016 بداية جزاء معان ، وقرار محكمة استئناف عمان 4095/2017)))
مركز احقاق للدراسات القانونية