بدايةً وقبل الدخول في الموضوع يجب ان نعرف هل شركة الكهرباء الوطنية شركة حكومية ام انها تخضع لقانون الشركات الاردني رقم (٢٧) لسنة ١٩٩٧ وتعديلاتة ؟
شركة الكهرباء الوطنية شركة مملوكة بالكامل لحكومة المملكة الاردنية الهاشمية والتي تمتلك (١٠٠٪ ) من كامل اسهمها .و عليه فيجب ان تخضع الى رقابة ديوان المحاسبة الاردنية و كونها مرفق عام من مرافق الدولة .
وبالرجوع الى القرار الصادر من الديوان الخاص بتفسير القوانين والمحكمة الدستورية ؛ لا بد لنا من التمعن في القرارين: قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين وقرار المحكمة الدستورية.
أولاً : القرار الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم (٤ ) لسنة ٢٠١٤
و من المعلوم هنا ان ديوان الخاص بتفسير القوانين مشكل بموجب المادة (١٢٣ ) من الدستورالاردني والتي تنص :
١- للديوان الخاص حق تفسير نص اي قانون لم تكن المحاكم قد فسرته اذا طلب اليه ذلك رئيس الوزراء.
٢- يؤلف الديوان الخاص من رئيس اعلى محكمة نظامية رئيسا وعضوية اثنين من قضاتها واحد كبار موظفي الادارة يعينه مجلس الوزراء يضاف اليهم عضو من كبار موظفي الوزارة ذات العلاقة بالتفسير المطلوب ينتدبه الوزير.
٣- يصدر الديوان الخاص قراراته بالأغلبية.
٤- يكون للقرارات التي يصدرها الديوان الخاص وتنشر في الجريدة الرسمية مفعول القانون.
٥- جميع المسائل الاخرى المتعلقة بتفسير القوانين تقررها المحاكم عند وقوعها بالصورة الاعتيادية
وبناء على طلب دولة رئيس الوزراء بكتابه رقم (١٣٠٣١/١/١١/٣٣) بتاريخ ٢٠١٤/٤/١٥ والمتضمن “بيان الصفة القانونية لشركة الكهرباء الوطنية فيما اذا كانت من الموسسات الحكومية ……”
حيث ورد من الديوان الخاص بتفسير القوانين اداً
“إن ملكية الحكومة بالكامل لأسهم أو حصص في شركة الكهرباء الوطنية المساهمة العامة لا يسبغ عليها صفة المؤسسة العامة الرسمية بعد ان تم تسجيلها او تحويلها بموجب قانون الشركات ولم تعد تدار وفقاً لإدارة المرافق العامه وان كانت تقدم خدمة عامة ….”
ويستفاد من هذا التفسير ان شركة الكهرباء الوطنية من الشركات التي تتبع قانون الشركات وان القرارات التي تصدر عنها لا تعتبر قرارات ادارية ،ولا تخضع في حسابتها الى رقابة ديون المحاسبة، وانما تخضع لقانون الشركات في المراقبة على حسابتها كونها من اشخاص القانون الخاص وليس من اشخاص القانون العام .
ثانياً : القرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية رقم (٢)لسنة ٢٠١٩ بكامل هيئتها العامة و بناءً على طلب مجلس الوزراء المتعلق بطلب تفسير نص المادة (٢)من المادة (٣٣)من الدستور الاردني والمبين بكتاب دولة رئيس الوزراء رقم (٢٩٣٧٢) بتاريخ ٢٠١٩/٧/١٨
والمتضمن حول توقيع شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة اتفاقية بيع وشراء الغاز من شركة نوبل انيرجي و هل شركة الكهرباء الوطنية من أشخاص القانون العام ام الخاص ؟
وجاء قرار المحكمة الدستورية تاكيداً على قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم (٤)لسنة ٢٠١٤ وهو :
“إن ملكية الحكومة بالكامل لأسهم أو حصص في شركة الكهرباء الوطنية المساهمة العامة لا يسبغ عليها صفة المؤسسة العامة الرسمية بعد ان تم تسجيلها او تحويلها بموجب قانون الشركات ولم تعد تدار وفقاً الإدارة المرافق العامه وان كانت تقدم خدمة عامة ….”
وباستقراء ما ورد في القرارين اعلاه :
نستخلص بان شركة الكهرباء الوطنية و برغم ان جميع اسهمها مملوكة للحكومة؛ الا انها لا تعد من اشخاص القانون العام لا بل من اشخاص القانون الخاص والذي يطبق عليها قانون الشركات الاردني رقم (٢٢ ) لسنة ١٩٩٧. وهذا بموجب القانون !والدستور ولا مجال هنا للتاويل او التوسع في التفسير .
وهنا وبالرجوع الى عنوان هذا المقال
هل اصبح تصفية شركة الكهرباء الوطنية استحقاق قانوني مما يجيز الغاء اتفاقية الغاز؟
و اضافةً على ما ذكرناه اعلاه من وقائع دستورية و قانونية لا بد من التطرق الى عدة أدلة وبراهين تبين وضع الشركه المالي والذي يجيز تصفيتها اجبارياَ.
اولها : تصريحات المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية بتاريخ ٢٠٢٠/٥/١ والمنشور على موقع خبرني الاخباري
قال:
” بلغت خسائر شركة الكهرباء الوطنية (٥.٥ ) مليار دينار ويضاف لها (١٢٠ ) مليون دينار سنوياً تكاليف خدمة للديون والقروض والفوائد”
وثانيها : بتاريخ ٢٠١٩/١٢/٢٣ صرحت معالي وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هاله زواتي امام اللجنة المالية في مجلس النواب بتوقعاتها بان تبلغ خسائر شركة الكهرباء الوطنية لعام ٢٠٢١ بحدود المائتي مليون دينار .
و نستخلص من التصريحين السابقين
بان خسائر شركة الكهرباء ترتفع عاماً بعد عام ، مما يشكل عبئ على شركة الكهرباء الوطنية والحكومة، و ذلك ينعكس سلباً على المواطن الاردني والمستثمر بشكل عام.
وبناءً على المعطيات الدستورية و القانونية والاقتصادية التي أوردتها ؛
هنا لابد من تطبيق قانون الشركات الاردني والذي اصبح واجباً للتطبيق على شركة الكهرباء الوطنية كونها من اشخاص القانون الخاص.
وبالرجوع الى الفصل الثالث من قانون الشركات (التصفية الإجبارية)
المادة (٢٦٦) حالات تقديم طلب التصفية وايقاف التصفية
أ- يقدم طلب التصفية الاجبارية الى المحكمة بلائحة دعوى من المحامي العام المدني او
المراقب او من ينيبه وللمحكمة ان تقرر التصفية في اي من الحالات التالية:
١- اذا ارتكبت الشركة مخالفات جسيمة للقانون او لنظامها الاساسي. ٢- اذا عجزت الشركة عن الوفاء بالتزاماتها.
٣- اذا توقفت عن اعمالها مدة سنة دون سبب مبرر او مشروع.
٤- اذا زاد مجموع خسائر الشركة على (٧٥٪) من رأسمالها المكتتب به ما لم تقرر هيئتها العامة زيادة رأسمالها.
ب- للوزير الطلب من المراقب او من المحامي العام المدني ايقاف تصفية الشركة اذا قامت
بتوفيق اوضاعها قبل صدور القرار بتصفيتها .
وهنا اود ان انوه الى ان شركة الكهرباء الوطنية وبموجب قانون الشركات وجب عليها الاعلان عن تقريرها المالي السنوي وهذا ما لا تفعله وهو مخالف مخالفة صريحة لقانون الشركات و مع التواطىء الحكومي فهي تضرب بعرض الحائط احكام المادة (١٧١،١٦٩،١٦٨ ) من قانون الشركات الاردني.
وهنا اقترح بان تقوم الحكومة الاردنية بالاعلان عن تصفية إجبارية لشركة الكهرباء الوطنية بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بها و من اجل ايقاف المزيد من الخسائر في السنوات القادمة .
وهنا و بناءً على التصفية الاجبارية سيتم الغاء اتفاقية الغاز بموجب القانون .
وستحافظ الحكومة على ماء وجهها امام مجلس النواب والشعب.
بقلم الحقوقي: عصام عبدالجليل الكساسبه