هل النظام الداخلي لمجلس النواب نظام إجرائي أم موضوعي؟
وهل المادة 160 من النظام الداخلي لمجلس النواب تخالف أحكام الدستور؟
بدايةً وقبل الجواب يثور هنا سؤال: هل النظام الداخلي هو بمرتبة القانون أم لا ؟؟
عند استقراء نص المادة 83 من الدستور الاردني
“يضع كل من المجلسين أنظمته الداخلية لضبط وتنظيم أجراءته وتعرض على الملك للتصديق عليها ”
و عند استقراء قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) لسنة 2005 والذي جاء فيه “ومن التدقيق في النصوص الدستورية سالفة الذكر تبين لنا أن الدستور قد نص على ثلاثة أنواع من الأنظمة، وحدد السلطة المخولة بإصدار گل منها”:
أولاً: الأنظمة التنفيذية التي نصت عليه المادة (31) من الدستور، وقد أنيطت صلاحية إصدار هذه الأنظمة لمجلس الوزراء بموافقة الملك.
ثانياً: الأنظمة التي لها قوة القانون ، وهي الأنظمة التنظيمية التي يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك استنادا للمادتين (114، 120) من الدستور.
ثالثاً: الأنظمة الداخلية التي يصدرها أي من مجلسي الأعيان والنواب، ويصدقها الملك.
وعليه، فإن المجلس العالي لتفسير الدستور قد أوضح أن الأنظمة الداخلية للبرلمان في مرتبة أدنى من القانون، إذ أفرد في البند ثانياً الأنظمة التي لها قوة القانون، وهي الصادرة بموجب المادة (114،120) من الدستور.
وهنا يتضح مما سبق ان النظام الداخلي الذي يضعه مجلسي الاعيان والنوب يأتي في مرتبة ثالثة بعد كل من أحكام الدستور والقانون العادي.
وبالرجوع الى نص الدستور الأردني ( المادة 83) وبعد ان اتضح بان النظام الداخلي هو بالمرتبة الثالة بعد الدستور والقانون مما يعني يجب ان لا يخالف هذا النظام القانون و الدستور .
والسؤال الذي يثور هنا ايضاً هل النظام الداخلي نظام اجرائي ام موضوعي؟
و باستقراء المادة 83 من الدستور
“يضع كل من المجلسين انظمه داخلية لضبط وتنظيم اجرائية وتعرض على الملك للتصديق عليها ”
حيث يتضح من قراءة النص ان النظام الداخلي ذو طبيعة إجرائية، وهذه الصفة مهمة جدا إذ إنه وبموجب هذا النظام يتم تنظيم اجراء العمل في مجلس النواب وضبطها، لذا فهو ينظم القواعد الإجرائية فقط اللازمة للقيام بالعمل، في حين أن الاجراءات الموضوعية نظمها الدستور وأقرها، ولا يجوز أن يتضمن النظام الداخلي قواعد موضوعية، التزاما بمادة (83) من الدستور والتي حددت دور النظام في ضبط وتنظيم إجراء المجلس. وقد أقر هذا المبدأ القرار المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور رقم (1) لسنة 2001 في تعليقه على الفقرة (ب) من المادة (65) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996، ونصها “يجوز لمجلس الوزراء استرداد مشروع القانون قبل التصويت على إحالته للجنة المختصة”، فأورد ما يلي “أننا نرى أن حكم هذه الفقرة مخالف لأحكام المادة (83) من الدستور التي صدر النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 1996 بالاستناد إليها، التي أعطت لكل من المجلسين (الأعيان والنواب) الحق أن يضع أنظمة داخلية لضبط الإجراءات وتنظيمها دون غيرها من أحكام موضوعية، على أن تعرض تلك الأنظمة على الملك للتصديق عليها. والحكم الذي نصت عليه الفقرة (ب) من المادة (65) من النظام الداخلي لمجلس النواب هو حكم
موضوعي ليس من قبيل ضبط وتنظيم إجراء المجلس التي أجازت المادة (83) إصدار نظام بشأنها، وتكون الحالة هذه حكما ليس له سند من الدستور. وبالتالي فإنه لا يعمل بما ورد في الفقرة ( ب) من المادة (65) من النظام
وهنا وبرجوع الى السؤال الثاني ومفاده
هل المادة 160 من النظام الداخلي لمجلس النواب تخالف أحكام الدستور ؟
أولاً: و باستقراء نص (المادة 99) من الدستور الأردني, لا يجوز فصل احد من عضوية اي من مجلسي الاعيان والنواب الا بقرار صادر من المجلس الذي هو منتسب اليه، ويشترط في غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون الانتخاب ان يصدر قرار الفصل بأكثرية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس واذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الاعيان فيرفع قرار المجلس الى الملك لإقراره”.
(المادة 88 من الدستور) “إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب باستثناء من صدر بحقه قرار قضائي بإبطال صحة نيابته فعلى المجلس المعني إشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخاب إذا كان نائباً بذلك خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عيناً أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائباً، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة المجلس”.
ثانياً : المادة 139 من النظام الداخلي
“لا يجوز خلال دوره انعقاد المجلس ملاحقة العضو جزائياً او تأخذ اجراءات جزائية او ادارية بحقة ………..”
وهنا وعند قراءة النصوص الدستورية اعلاه
نجد ان الدستور الاردني افصح عن الحالات التي يتم فيها اسقاط عضوية اعضاء مجلس الامه ولا يكون الا بقرار صادر عن المجلس ولم يشر النص الى تجميد، وان يكون هذا القرار صادر عن المجلس بأكثرية ثلثي الاعضاء .
وهنا يجب وبحسب النص الدستور اتخاذ الإجراءات التالية :
١- على المجلس المعني إشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخابات إذا كان نائباً بذلك خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عيناً أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائباً، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة المجلس.
والسؤال الذي يثور هنا وفي الحالة المعروضة في الوقت الراهن وهو تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة لمده عام هل يطبق عليها النص اعلاه وهل التجميد لأكثر من ثلاثة شهور يعتبر شغور للمقعد النيابي ؟
مما يدل ذلك على مخالفة المادة 160 من النظام الداخلي لدستور الاردني وبحكم القانون تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً، ويجب وقف العمل بها.
وهنا ايضاً مع تمسكنا ببطلان المادة 160 من النظام الداخلي والذي يثير تساؤل آخر ، هل يجوز النائب الذي تم تجميد عضويته بموجب المادة 160 من النظام الداخلي لمجلس النواب الطعن بهذا القرار لدى المحكمة الادارية ؟ كونه قراراً إدارياً محض و معيب بعيب الاختصاص وعيب مخالفة الدستور وعيب مخالفة روح الدستور.
كونه قراراً صدر من جـهـة غير مختصة أو دون مـراعـاة النص الدسـتور أو روحه.
و بدايةً نظم الدستور الاردني حق التقاضي وذلك من خلال نص 101من الدستور:
“المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها ”
حيث ان اجراء عملية التجميد كما اسلفنا اعلاه مخالفة احكام الدستور الاردني اضافة الى ان مجلس النواب قد خالف ايضاً النظام الداخلي من خلال عدم اتباعة الاجراء القانوني واستناداً لنص المادة 84 من الدستور الاردني وهي واجبة التطبيق
“تكون جلسات كل من المجلسين علنية على انه يجوز عقد جلسات سرية بناء على طلب من الحكومة او طلب خمسة من الاعضاء ثم يقرر المجلس قبول الطلب او رفضة”
حيث يتطلب هذا الاجراء موافقة اعضاء المجلس من خلال عقد جلسة تحت القبة بداية وثم الانتقال الى جلسة سرية وهذا عيب من العيوب التي شابت جلسة تجميد عضوية النائب اسامة العجارمة مع العديد من العيوب القانونية التي رافقت التحقيق وعدم مراعاة سرية التحقيق ونشر معلومات حول مجريات التحقيق الى وسائل الاعلام من خلال اعضاء اللجنة ودخول الشهود وحضور جميع اجراءات التحقيق وعدم منح النائب اسامة العجارمه حرية الدفاع عن نفسه وهو ايضاً مخالف لأحكام الدستور مما يجعل من هذا القرار معيب ومخالف لاحكام الدستور حيث نصت المادة (128/1)من الدستور:
” لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها”.
إضافة الى ان الكثير من النواب وبعد صدور القرار نفوا انهم قاموا بالتصويت وان هنالك خدعة في عملية طرح قرار اللجنة القانونية وهو ما يخالف الماده 81- من النظام الداخلي لمجلس النواب الفقرة (ج) والتي تنص” اذا حدثت شبهه حول اي تصويت وطلب عشرة نواب اعادة وجب اعادة التصويت.
بقلم الدكتور عصام الكساسبة