قرار حلّ مجالس الإدارة المحلية بين المشروعية والطعن به

قرار حلّ مجالس الإدارة المحلية بين المشروعية والطعن به

بقلم: المحامي المتقاعد محمد أحمد المجالي

بعد أنّ قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمس الأحد حلَّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى اعتباراً من اليوم السابع من تموز 2025 تثور بعض الأسئلة حول جدية أو مشروعية المبررات لقرار الحل وهل يجوز الطعن في هذا القرار.

إن قرار حل المجالس البلدية، ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى جاء وفق الصلاحية التقديرية لمجلس الوزراء بناءً على توصية وزير الإدارة المحلية المنصوص عليها في المادة (34) من قانون الإدارة المحلية رقم 22 لسنة 2021 والتي جاء فيها:

أ- مدة دورة المجلس البلدي أربع سنوات تبدأ من تاريخ تسلمه مهامه وفقاً لأحكام المادة (44) من هذا القانون ولمجلس الوزراء حل المجلس البلدي بقرار يصدر عنه قبل انتهاء مدته بناء على تنسيب من الوزير مع بيان الأسباب والمبررات الموجبة لذلك.

وحيث جرت الإنتخابات السابقة للمجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى في شهر آذار من عام 2022 فيفترض أنّ هذه المجالس تنتهي ولايتها في شهر آذار من عام 2026 وبالتالي فإن حلّ هذه المجالس جاء قبل ثمانية أشهر من موعد إنتهاء ولايتها وهي مدة طويلة جداً تحرم المواطنين من المشاركة في الحكم المحلي والذي هو هدف إنشاء هذه المجالس، والأصل هو أن تُكمل هذه المجالس مدتها القانونية أربع سنوات من تاريخ إعلان نتائج الإنتخابات وفق المادة (44) من القانون.

إن حلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى من قبل مجلس الوزراء هو استثناء على الأصل الذي هو إكمال مدة الولاية لأربع سنوات كاملة، وإن القانون في المادة (34) وإن أعطى صلاحية تقديرية لمجلس الوزراء بحلّ هذه المجالس إلا أنه اشترط على مجلس الوزراء بيان الأسباب والمبررات الموجبة للحل.

وبالتالي فإن قرار الحلّ السليم قانونياً لا ينبغي أن يتضمن الأسباب والمبررات فقط بل يشترط لزوماً أن تكون هذه المبررات والأسباب موجبةً للحل أيّ أن تكون المبررات تستدعي حلّ هذه المجالس، بمعنى آخر أو بمفهوم المخالفة فإن كانت الأسباب والمبررات التي ساقها مجلس الوزراء يمكن القيام بها وتحقيقها في ظل استمرار المجالس المنتخبة بدورها وولايتها القانونية دون تعارض ودون إخلال بالنظام العام فإنّ قرار الحلّ يغدو مشكوكاً في شرعيته لفقدانه الغاية منه حيث أنّ سلامة الغاية ومشروعيتها ركن أساسي لمشروعية القرار الإداري.

وبالنظر للأسباب والمبررات التي ساقها قرار مجلس الوزراء لحل المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى هي تحديث حزمة التشريعات والأنظمة الخاصة بالإدارة المحلية والعمل البلدي وترسيخ مبدأ الشفافية والنزاهة والحفاظ على الحياد قبل إجراء الانتخابات المقبلة؛ فإن هذه المبررات محلّ شكّ في أنّها موجبة لزوماً لحلّ هذه المجالس، إذ يمكن تحقيق تحديث التشريعات والتحضير للإنتخابات التالية في ظل استمرار هذه المجالس في ولايتها وأداء دورها وتفعيل الرقابة على أعمالها وقراراتها وفق القانون.

ومما لا شكّ فيه أن اشتراط القانون على مجلس الوزراء أن يبيّن أسباباً ومبررات موجبة لحل مجالس الإدارة المحلية لم يأتِ عبثاً أو ترفاً، بل جاء ليكون محلّاً لرقابة القضاء على سلامة القرار الإداري الذي يُصدره مجلس الوزراء بحل هذه المجالس.

وحيث أن قرار حلّ مجالس الحكم المحلّي هو قرار إداري نهائي يطال المراكز القانونية لكل عضو منتخب فيها فإن لكل واحدٍ منهم الحقّ ومصلحة شخصية مباشرة في الطعن بقرار الحلّ الصادر عن مجلس الوزراء أمام المحكمة الإدارية بموجب إختصاصها في النظر في الطعون التي يقدّمها المتضررون من هذه القرارات وفق المادة (5) قانون القضاء الإداري ولا سيما الفقرة (أ/7) التي جعلت من إختصاص المحكمة الإدارية النظر في الطعون التي يقدمها أي متضرر والمتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية ولو كانت محصنة بالقانون الصادرة بمقتضاه.

 

المحامي المتقاعد/ محمد أحمد المجالي

keyboard_arrow_up