قرار المحكمة الدستورية التفسيري – السؤال مُعاد في الجواب وتحميل للتفسير بما لايطيق
ان ما صدر عن المحكمة الدستورية بمضمون القرار التفسيري رقم 1لسنة 2020 لم يات بحكم مستحدث جديد ، بل جاء كاشفا ومؤكدا لما هو مستقر في الفقه والقضاء الدستوريين بشكل عام ومجرد عن الربط باي نص قانوني ، سواء كان ساريا او في مرحلة مشروع قانون.
وان منطوق القرار لا يشكل اي حجية ملزمة على اي مشروع قانون اثناء مراحل سنه سواء باقتراح من الحكومة او من اعضاء مجلس النواب.
بل انه لا يشكل اي حجية على اي قانون ساري المفعول ومن ضمنها قانون التنفيذ واحكام حبس المدين فيه ، مثلا كما يتم تداول الامر.
فالقرار جاء عاما ومجردا ولا يتعلق بمشروع قانون محدد .
وللوصول الى نتيجة البحث علينا ان نبين المسائل التالية :
اولا النصوص الدستورية مدار البحث .
1. المادة رقم 1 من الدستور (المملكة الاردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الاردني جزء من الامة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي).
2. المادة 33 بعد ان استقرت بصورتها الحالية ((1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات. 2 .المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية.)).
3. المادة 59 من الدستور (1 .تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتصدر أحكامها باسم الملك وتكون أحكامها نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة، كما تكون أحكامها نافذة بأثر مباشر ما لم يحدد الحكم تاريخاً آخر لنفاذه، وتنشر أحكام المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها. 2 .للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأغلبية ويكون قرارها نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.).
4. المادة 95من الدستور(1.يجوز لعشرة او اكثر من اعضاء اي من مجلسي الاعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ويحال كل اقتراح على اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي فاذا رأى المجلس قبول الاقتراح احاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها او في الدورة التي تليها…).
5. المادة 117 من الدستور (كل امتياز يعطى لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون.).
6. المادة 123 من الدستور( 4 .يكون للقرارات التي يصدرها الديوان الخاص وتنشر في الجريدة الرسمية مفعول القانون).
ثانيا :- مراحل تطور نص المادة 33 من الدستور .
كانت المادة 33 في اول صيغة لها في دستور 1952:
((1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات .
2- معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقض في حقوق سيادتها او تحميل خزانتها شيئا من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة ما مناقضة للشروط العلنية .)).
ثم عدلت في عام 1958 الى النص التالي :-
(1-الملك هو الذي يبرم المعاهدات والاتفاقات .
2- المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية .)
وبقي النص الى ان تم اجراء تعديلات 2011 والتي تضمن مشروع اللجنة الملكية اعادة نص المادة 33 الى سابق عهده قبل تعديل 1958 .
ودون ان يتم الانتباه بان نص المادة 33 المقترح يخالف مقدمة الدستور بالمادة الاولى التي تنص (المملكة الاردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الاردني جزء من الامة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي) .
وبناء على انتقاد الفقه القانوني لهذا التعديل فقد الغت السلطة التنفيذية من هذ التعديل بهذه الصورة امكانية التنازل عن اي ارض من اراضي المملكة في اقتراح تعديل المادة 33، للموائمة مع المادة الاولى من الدستور.
واحيل المشروع على مجلس الامة بالصورة التي اقرت بها هذه المادة حاليا .
ثالثا :- الجذور التاريخية للمسالة مدار البحث :-
بدات موجات الحراك الشعبي والنيابي الرافض لاتفاقية الغاز التي ابرمتها شركة الكهرباء حول غاز العدو الصهيوني المنهوب من فلسطين .
والحكومة في تصديها لهذا الحراك وقعت بين متناقضين،عند محاولة اقامة المسؤولية السياسية عليها .
فعند مواجهتها بان اتفاقية الغاز لم تعرض على مجلس الامة ليصادق عليها تحصنت بانها من غير اللازم مصادقة مجلس الامة على اتفاقية الغاز.
مما استدعى الزام الحكومة بمشروع قانون يمنع استيراد غاز العدو، فردت على ذلك بعدم جواز سن قوانين تخالف المعاهدات الدولية .
وفي كلا الموقفين التجات الحكومة الى فتوى المحكمة الدستورية .
• صدور القرار التفسيري رقم 2 لسنة 2019 .
قامت الحكومة وبالاستناد على المادة 59 من الدستور الطلب من المحكمة الدستورية الفتوى الخاصة بحكم المادة 33 من الدستور،حول مفهوم المعاهدات والاتفاقيات الواردة بها من حيث انها تشمل من حيث وجوب عرضها على مجلس الامة ما قامت شركة الكهرباء المملوكة للحكومة بابرامه من اتفاقية غاز العدو.
صدر القرار التفسيري اعلاه والذي انتهى بتفسير الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور انها لا تنطبق على الاتفاقيات التي تبرمها الشركات المملوكة للحكومة الاردنية مع اي جهة كانت وان اطراف المعاهدات وفق النص 33 هم من اشخاص القانون الدولي العام .
والحكومة في طلبها للفتوى من المحكمة الدستورية قد مارست حقها الدستوري الثابت وفقا للمادة 59/2 من الدستور.
• قرار التفسير الصادرعن المحكمة الدستورية بالرقم 1/2020
والذي جاء فيه :- حيث ان المطلوب تفسيره هو بيان ما اذا كان يجوز اصدار قانون يتعارض مع الالتزامات المقررة على اطراف معاهدة صادقت عليها المملكة بمقتضى قانون او يتضمن تعديلا او الغاء لاحكام تلك المعاهدة .ام ان المعاهدات الدولية التي يتم ابرامها والتصديق عليها واستيفاء الاجراءات المقررة لنفاذها ، لها قوتها الملزمة لاطرافها ويتوجب على الدول احترامها طالما ظلت قائمة ونافذة.
الذي انتهى الى انه :-
لا يجوز اصدار قانون يتضمن تعديلا او الغاء لاحكام تلك المعاهدة .
ان المعاهدات الدولية لها قوتها الملزمة لاطرافها ، ويتوجب على الدول احترامها ، طالما ظلت قائمة ونافذة ، ما دام ان هذه المعاهدات تم ابرامها والتصديق عليها ، واستوفت الاجراءات المقررة لنفاذها. )).
وهو تفسير موافق للفقه والقضاء الدستوري الوطني ، وللسوابق التفسيرية للدستور وخاصة القرار رقم 1لسنة 1962 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور.
وعندما نص قرار التفسير على عدم جواز اصدار قانون يتضمن تعديلا او الغاء لاحكام تلك المعاهدة بشكل عام ، فانه قد التزم بحدود طلب التفسير،والسؤال معاد في الجواب .
وبالعودة الى طلب التفسير المتضمن الصيغة التالية ((بيان ما اذا كان يجوز اصدار قانون يتعارض مع الالتزامات المقررة على اطراف معاهدة صادقت عليها المملكة بمقتضى قانون او يتضمن تعديلا او الغاء لاحكام تلك المعاهدة .ام ان المعاهدات الدولية التي يتم ابرامها والتصديق عليها واستيفاء الاجراءات المقررة لنفاذها ، لها قوتها الملزمة لاطرافها ويتوجب على الدول احترامها طالما ظلت قائمة ونافذة)).
فاننا نجد بانه لم يات نص الطلب على ذكر قانون معين او مشروع قانون معين ، سواء كان مشروع قانون منع استيراد الغاز من الكيان الصهيوني لسنة 2019الذي تضمن في المادة 2 منه ( يحظر على اي من وزارات ومؤسسات الدولة او الشركات المملوكة لها ان تقوم باستيراد الغاز او اي من المشتقات البترولية من الكيان الصهيوني) او اي مشروع قانون اخر .
كما لم يرد في طلب التفسير اي مسالة متعلقة باي قانون ساري المفعول كقانون التفيذ في نصوص حبس المدين مثلا.
ومن الجدير بالذكر ان طلب التفسير يكون متعلق بالسؤال عن تفسير نص دستوري غامض يحتاج الى بيان وتوضيح .
ولا يتعدى التطرق لاي نص من نصوص القوانين العادية ، لانه ليس من اختصاص المحكمة الدستورية تفسير القوانين ، بل هو من اختصاص القضاء العادي ولديوان تفسيير القوانين بنص المادة 123 من الدستور( 4 .يكون للقرارات التي يصدرها الديوان الخاص وتنشر في الجريدة الرسمية مفعول القانون).
اما بيان راي المحكمة الدستورية حول مخالفة اي نص قانوني لاحكام الدستور وهي الوظيفة الاولى للمحكمة الدستورية ، فانها محكومة بمنهاج الرقابة اللاحقة دون السابقة .
فمن المعلوم ان رقابة القضاء الدستوري للنصوص القانونية تاخذ احد المنهجين ،
الرقابة السابقة اي قبل ان تتم المصادقة على مشروع القانون اثناء سنه يرسل الى المحكمة الدستورية للتولى فحصه وبيان العوار الدستوري الذي فيه ، واعادته للمشرع لاستدراك الخلل ان كان كذلك . وهو ما تضمنه الدستور المصري لعام 2012 .
وهناك الرقابة اللاحقة لدستورية القوانين بعد سنها والتصديق عليها،وتتصل المحكمة الدستورية بالنص القانوني كدعوى طعن دستوري مقدم من جهات محددة نص عليها الدستور كما هو نظام القضاء الدستوري الاردني في المواد من 58الى 61 من الدستور .
وعليه حتى يكون هناك حجة للحكم بعدم دستورية اي نص قانوني يتطلب توافرالشروط التالية :-
1. ان يقدم طعن بعدم الدستورية وليس طلب تفسير.
2. ان يكون تقديم الطلب من الجهات الواردة في المادة 60/ا من الدستور او وفقا لدعوى منظورة بناء على الفقرة 2 من ذات المادة .
3. ان يكون محل الطعن قانون ساري المفعول .
وعليه فان قرار التفسيررقم 1لسنة 2020 الموما اليه اعلاه ، لا يمكن باي حال من الاحوال ان يركن اليه باقل صورة من صور الحجية الدستورية للحكم على اي مشروع قانون او قانون قائم بانه مخالف لاحكام المادة 33 من الدستور .
فهو كمن وجه اليه سؤال حول ما جزاء من سرق – على وجه العموم – فيكون الجواب بذات العمومية والتجريد السجن ، دون ان يتم التطرق الى من هو الذي يسجن وكيف ومتى واين.
وعليه فان الحكومة ما كان عليها ان تمارس هذا المسلك بل كان بامكانها – ان كان ينقصها الراي القانوني – ان تحيل المشروع الى ديوان الراي والتشريع ليعطيها الراي والاستشارة القانونية التي تحتاجها ، لا ان تجعل من مؤسسة دستورية بوزن المحكمة الدستورية تعطيها استشارة او فتوى فيها من العموم مالا يمكن ان يبنى عليها اي اثر بعدم الدستورية لاي قانون ساري او حتى مشروع قانون.
كما انه لايحق للحكومة ان تمتنع عن احالة هذا المشروع الى مجلس النواب بحجة ان المشروع فيه شبهه مخالفته للدستور.
ذلك ان الرقابة السابقة على مشاريع القوانين غير مطبقة في نظامنا الدستوري اولا ، وان امتناع الحكومة عن ارسال المشروع واعادته الى مجلس النواب تكون قد وضعت نفسها في وظيفة المحكمة الدستورية التي تمارس صلاحياتها بمنهاج الرقابة المسبقة ثانيا .
وليس امام الحكومة الا الامتثال الى نص المادة 95من الدستور(1.يجوز لعشرة او اكثر من اعضاء اي من مجلسي الاعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ويحال كل اقتراح على اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي فاذا رأى المجلس قبول الاقتراح احاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها او في الدورة التي تليها…).
وحجة الحكومة هي ان مشروع قانون منع استيراد الغاز من العدو الصهيوني وعند إصداره سيشكل مخالفة صريحة لبنود معاهدة وادي عربة المبرمة في عام 1994، وتحديدا البند (7) منها (العلاقات الاقتصادية).
الذي ينص على ضرورة أن تلتزم كلتا الدولتين بتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، والعمل معا على إنهاء المقاطعات الاقتصادية.
لكن تناست الحكومة – متعمدة – ان تلك المعاهدة لا توجب احكامها ان يتم استيراد الغاز او اي شيء اخر من الكيان الصهيوني.
اما اذا امتنعت الحكومة عن القيام بواجبها المنصوص عليه في المادة 95 من الدستور، فاننا نكون امام مواجهة دستورية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية .
تفتح ابواب التفكير بالمآلات الدستورية والسياسية على مصراعيها .
حيث تكون وسائلها ما تضمنه الدستور من ادوات لكلا السلطتين في النظام البرلماني، ابتداء بالاستجواب، ومن ثم سلاح طرح الثقة الذي يمتلكه البرلمان ،مقابل سلاح الحل الذي تمتلكه الحكومة .
وهو الذي يتطلب وجود اراده شعبية حقيقية تراقب سلطتي الحكم ، متاهبة لاعادة الامور الى نصابها في الاستحقاقات الانتخابية ، سواء في مواعيدها الفعلية او المسبقة.
واذا ما استطاع مجلس النواب اقرار مثل هكذا قانون ،
فلا مجال للتخوف من مخالفته لاحكام معاهدة وادي عربة . لان الذي يستطيع ان يقرهكذا قانون يستطيع ان يلغي اقرار المعاهدة من حيث اتت .
ومن الجدير بالذكر ان موضوع اتفاقية الغاز الذي ابرمتها شركة الكهرباء لاستيراد غاز العدو الصهيوني المنهوب من فلسطين . هي في مواجهة حقيقية مع وضع دستوري اخر مبني على النقاط التالية :-
اذ تنص المادة 117 من الدستور (كل امتياز يعطى لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون.)
وعليه فان توليد الكهرباء وتوزيعها هو مرفق عام يجب ان يتم تناول احكامه بقانون وعلى راس تلك الاحكام مصادر توليد طاقة الكهرباء .
وان الحصول على مصادر توليد الكهرباء يجب ان يتم تناولها وتنظيمها بقانون .
واذا لم يتم تنظيم موارد ومصادر التوليد بقانون لمرفق الكهرباء كانت جميع نصوص هذا القانون غير دستورية لعدم تلبيتها الشرط الدستوري الوارد بالمادة 117 من الدستور .
وما يؤيد ما نذهب اليه بهذا الشان ان الاتفاقيات التي كانت تبرم بين سلطة الكهرباء واي جهة تمويلية كانت تتم بقانون .
وعلى سبيل المثال قانون مؤقت رقم 27 لسنة 1981 (قانون تصديق اتفاقية مشروع الطاقة الرابع بين البنك الدولي للانشاء والتعمير وسلطة الكهرباء الاردنية .
وبالعودة الى قانون الكهرباء العام لسنة 1996في المادة 9
((تنظم العلاقة لغايات توليد الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها بين الجهات المعنية المختلفة داخل المملكة باتفاقيات وفقاً لاحكام هذا القانون .
ب. تنظم العلاقة بين الجهات المرخص لها بتوليد الطاقة الكهربائية واي جهة خارج المملكة في مجالات المشاريع الكهربائية وتمويلها داخل المملكة بموجب اتفاقيات خاصة بينها وفقاً لاحكام هذا القانون وبموافقة مجلس الوزراء على انه يجوز لمجلس الوزراء الموافقة على عقد مثل هذه الاتفاقيات لمشاريع كهربائية خارج المملكة .)).
نجد ان هذه المادة وعلى استحياء تطلبت موافقة مجلس الوزراء على الاتفاقيات التي تبرمها الشركة المولدة مع جهات خارجية ، ونحن نؤكد ان هذا النص لا يلبي ما اشترطته المادة 117 من الدستور بوجوب تنظيم استيراد مصادر توليد الكهرباء بقانون .
في حين ان حكم هذه المادة قد الغيت بالقانون اللاحق سنة 1999 وسنة 2002 .
اننا لم نتطرق في هذه الورقة النقاشية الى مضمون القرار التفسيري والمعيار الذي يتوجب اعتماده في كيفية التمييز بين المعاهدات التي تستوجب التصديق من مجلس الامة من عدمه .
اذ ان ابرام المعاهدة بحد ذاته غير كاف لادخال احكام هذه المعاهدة الى النظام القانوني الداخلي ، وتتعدد الطرق والمذاهب في تفعيل احكام المعاهدات الدولية في منظومة القانون الوطني او الداخلي ، وقد سلك الدستور الاردني مذهب الادخال ، وبدخول المعاهدة الى النظام القانوني الداخلي او الوطني تصبح احكام هذه المعاهدة جزء من النظام القانوني .
وقد حددت المادة 33 من الدستور الاردني كيفية ادخال المعاهدة الى منظومة القانون الداخلي التي تنص ((1 .الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات. 2 .المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية.)).
كما ان قانون التصديق على اتفاقية وادي عربة هو الاولى بالنظر بعدم دستوريته لمصادقته على معاهدة جاءت احكامها مخالفة لاحكام المادة الاولى من الدستور التي لا تسمح بالتنازل عن اي جزء من اراضي الدولة .
وعليه فان التمييز بين المعاهدات التي يتطلب ادخالها للنظام القانوني الداخلي بالتصديق عليها من مجلس الامة عن المعاهدات التي لايتطلب التصديق عليها بشكل عام ، وعدم دستورية قانون التصديق على معاهدة وادي عربة هو بحث اخر سيكون عنوانا للورقة النقاشية القادمة باذن الله تعالى .
بقلم: المحامي يحيى سالم ابو عبود