حكمت المحكمة العليا الشرعية بنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف عمان الشرعية القاضي بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الشرعية.
وتتلخص حيثيات هذه القضية بما يلي:
أولاً: أقام المدعي (شقيق المرحوم) دعوى لدى المحكمة الابتدائية الشرعية ضد المدعى عليه (إين المرحوم) موضوعها (طلب إبطال وتصحيح حجة الإرث)، وقد ادعى في هذه الدعوى أن المرحوم شقيقه قد توفي وقد تم استخراج حجة إرث من المحكمة الشرعية بناء على طلب المستدعي (إبن المرحوم)، وقد جاء في الحجة المذكورة أن قد ثبت وفاة المرحوم وانحصر إرثه الشرعي في زوجته (إ) وفي ابنه منها (ي) فقط وجميع الورثة بالغون سن الرشد وانه لا وارث ولا مستحق لتركة المتوفى المذكور سوى من ذكر وصحت المسالة الارثية الشرعية من ثمانية أسهم، منها ل (ي) سبعة أسهم، ول (إ) سهم واحد فقط وذلك حسب الفريضة الشرعية.
ثانياً: وقد ادعى المدعي (شقيق المرحوم) في دعواه أن الوارث (ي) المذكور ليس ابناً شرعياً نسباً للمتوفى، وإنما هو ابنه بالتبني، وقد تسلمه من مبرة خيرية منذ أن كان طفلاً عمره أقل من خمسة أشهر، وهو من أطفال البوسنة والهرسك الذين فقدوا أهلهم، وقد تم إحضارهم إلى الأردن، وأن الزوجة (إ) المذكورة ليست والدة (ي) المذكور وهي لم تخلف ابناً ولا بنتاً من زوجها المرحوم حتى توفاه الله.
ثالثاً: وقد ادعى المدعي (شقيق المرحوم) في دعواه أن الورثة الشرعيين للمتوفى شقيقه هم ثلاثة إخوة أشقاء واختين شقيقتين، وقد طلب في ختام لائحة دعواه إبطال حجة الارث وتصحيحها.
بانحصار إرث المتوفى المذكور في زوجته (إ) المذكورة وإخوته الأشقاء فرضاً وتعصيباً بحيث تصح المسألة الشرعية من اثنين وثلاثين سهماً تستحق الزوجة (إ) المذكورة ثمانية أسهم ويستحق كل واحد من الإخوة الأشقاء ستة أسهم وتستحق كل واحدة من ثلاثة أسهم.
رابعاً: وفي ختام المحاكمة حكمت المحكمة الابتدائية الشرعية بانحصار إرث المتوفى المذكور في زوجته (إ) المذكورة وإخوته الأشقاء فرضاً وتعصيباً بحيث تصح المسألة الشرعية من اثنين وثلاثين سهماً تستحق الزوجة (إ) المذكورة ثمانية أسهم ويستحق كل واحد من الإخوة الأشقاء ستة أسهم وتستحق كل واحدة من ثلاثة أسهم.
خامساً: لم يلق هذا الحكم قبولا من إبن المرحوم (ي) فطعن عليه لدى محكمة الاستئناف الشرعية التي أصدرت قرارها المتضمن رد الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
سادساً: لم يرتض إبن المرحوم (ي) بحكم المحكمة الاستئنافية فتقدم بطلب لرئيس المحكمة العليا الشرعية لمنحه الإذن بالطعن على حكم المحكمة الاستئنافية لدى المحكمة العليا الشرعية وقد تم منحه الإذن وقد قدم طعنه حسب الاصول، وقد قضت المحكمة بنقض حكم المحكمة الاستئنافية، وقد عللت حكمها وسببته على النحو التالي:
لقد جاء في نص المادة (157 /ب) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 15 لسنة 2019 أنه “يثبت نسب المولود لأبيه بفراش الزوجية أو بالإقرار أو بالبينة”، وتطبيقا لنص المادة المذكور فإنه قد ثبت نسب الطاعن (ي) لوالده المتوفى بفراش الزوجية وبالإقرار الوارد بالبينة الخطية، حيث أصدرت محكمة حقوق شمال عمان في القضية الصلحية الحقوقية حكما جاء فيه ثبون بنوة الطاعن (ي) نسبا لوالده المرحوم، وقد استند الحكم في حيثياته إلى شهادة صادرة عن مستشفى الجامعة الأردنية تفيد بولادة الطاعن (ي) لوالدته (إ) من زوجها المرحوم سمير المذكور، وقد اكتسب هذا الحكم الدرجة القطعية، وقد قام المرحوم سمير باستصدار شهادة ميلاد باسم ابنه (ي) المذكور منسوبا إليه بطلبه وإقراره وأضيف لدى السجل المدني إلى قيد العائلة في وقته، ولم ينازع احد المرحوم في نسب (ي) له حتى وفاته، وقد تم استصدار حجة ارث للمرحوم ورث فيها (ي) بصفته ابن المرحوم، وقد شهد بذلك المطعون ضده (شقيق المرحوم)، وان هذه البينات الخطية الرسمية تثبت إقرار المرحوم المذكور بنسب (ي) إليه صراحة ويتفق ذلك مع نص المادة (157) المشار إليها آنفا والمادة (161) من قانون الأحوال الشخصية وهذا الإقرار جاء مقروننا بالتولد على فراش الزوجية الصحيح.
وأضافت المحكمة العليا أن النسب الثابت بالفراش لا ينتفي حتى بتصادق الزوجين على نفيه إلا بعد تمام لعان الزوج من غير توقف على لعان الزوجة وفق نص المادة (163) من قانون الأحوال الشخصية والتي بينت شروط إتمام اللعان وامتناعه لنفي النسب ممن نسب إليه وهذا لا يتصور بعد وفاة الأب المقر بالنسب.
كما قالت المحكمة العليا إن المادة (89) من قانون أصول المحاكمات الشرعية قد نصت:” إذا كانت الدعاوى المالية مستندة إلى سند فلا تقبل البينة الشخصية لدفعها ويستثنى من ذلك الدفع الذي يقدمه أحد الزوجين ضد الآخر” وحيث ثبت إقرار المرحوم بنسب الطاعن (ي) له بموجب سند رسمي فلا تسمع البينة الشخصية لإثبات عكس مضمونه.
مركز إحقاق للدراسات القانونية