في حكم وجاهي قابل للاستئناف، حكمت المحكمة بإعلان عدم مسؤولية الظنينين (شركة أسامة الراميني مالكة موقع أخبار البلد ورئيس تحريره أسامة الراميني) عن الجرمين المسندين إليهما من قبل النيابة العامة وهما:
أولاً: عدم تحري الحقيقة خلافاً لأحكام المادة (5) من قانون المطبوعات والنشر وبدلالة المادة (45) من ذات القانون.
ثانياً: عدم التوازن والموضوعية والنزاهة في عرض المادة الصحفية وفقاً لأحكام المادة (7/جـ) من قانون المطبوعات والنشر وبدلالة المادة (47/ب) من ذات القانون.
وقد جاء حكم المحكمة هذا بعدما ثبت لها أن موقع (أخبار البلد الالكتروني) قام بنشر خبر بعنوان (مواطن: ابني شرب هايبكس ومستشفى السلط الحكومي حكولي ما فيه اشي)، ونشر خبر آخر بعنوان (روى مواطن اردني معاناته مع مستشفى السلط بعد إن قام طفله بشرب مادة الهايبكس واسعافه إلى المستشفى)، قد جاء في مضمونه إن المواطن نضال الخرابشة تحدث عن واقعة قيام طفله البالغ خمس سنوات بشرب مادة الهايبكس واسعافه إلى مستشفى السلط، وأشار أنه لدى وصله لطوارئ مستشفى السلط وكان في حالة نفسية سيئة وكان ابنه في وضع خطر، حيث تم الطلب منه في قسم الطوارئ الذهاب لعيادة الاطفال، وذهب للعيادة وقابل طبيبة اطفال واخبرته أن عليه العودة لقسم الطوارئ لان ذلك ليس من اختصاصهم، ثم عاد لقسم الطوارئ، وهناك قام بالصراخ على الطبيب وأخبره أن الولد (تعبان وبده يموت)، وبالنتيجة تم نقل الطفل إلى المدينة الطبية، وتم عمل فحوصات له وتبين إن لديه تضخم في المعدة، وقد ثبت للمحكمة صحة الاخبار المنشورة.
وقد عللت المحكمة قرارها بإعلان عدم مسؤولية الظنينين وسببته على النحو التالي:
((بتطبيق القانون على الوقائع الثابته تجد المحكمة إن قيام موقع اخبار البلد بنشر خبر حول قيام ابن شاهد الدفاع نضال الخرابشة بشرب مادة الهايبكس ونقله لمستشفى السلط الحكومي وطبيعة الاجراءات المتخذة هناك من حيث ذهابه للطوارئ وكان ابنه في وضع خطر وطلبوا منه قسم الطوارئ الذهاب لعيادة الاطفال حيث وصل للعيادة وقابل طبيبة اطفال واخبرته إن عليه العودة لقسم الطوارئ لان ذلك ليس من اختصاصهم ثم عاد لقسم الطوارئ وهناك قام بالصراخ على الطبيب وأخبره إن الولد (تعبان وبده يموت)وبالنتيجة تم نقل الطفل إلى المدينة الطبية وتم عمل فحوصات للطفل وتبين إن لديه تضخم في المعدة ، وباستعراض المحكمة للمادة المنشورة والبينات المقدمة لا سيما البينة الدفاعية الخطية المتمثلة بشهادة شاهد الدفاع نضال الخرابشة حيث ثبت من خلال شهادته ان الواقعة هي واقعة صحيحة وليست مبتدعة، وان نشر هذه المادة يدخل في صميم عمل الصحافة.
ولما كانت الصحافة وهي تنهض بمهامها في اطار ما يعرف بالسلطة الرابعة تقوم بنشر ما يدور من احداث على الساحتين الداخلية والخارجية لكي يطلع عليها الموطنين ولها في سبيل ذلك إن تسلط الضوء على الاحداث الجارية وان تتناولها نقلا لما يدور مع التحليل وتسليط الضوء على الايجابيات والسلبيات وهي في هذا الاطار لا تكون ملزمة بان يكون الخبر الذي نشرته دقيقا بكل جزئياته وتفصيلاته الصغيرة بل يكفي إن يكون الخبر الذي نشرته صحيحا وليس مبتدعا منها وان لا يكون هدفها من النشر الاساءة إلى جهة او شخص معين وانما تناولها بالتحليل والنقد الايجابي الذي يحقق المصلحة العامة .(انظر لطفا قرار محكمة استئناف عمان رقم 1422/2022).
كما تجد المحكمة انه لا يُشترط لاباحة النشر ان تكون الواقعه منقولة بدقة في كل جزيئاتها اذ تكفي ان تكون الواقعه صحيحة في جوهرها طالما لم يُدخل الكاتب تشويها على الحقائق ولم يختلق وقائع وهميه اثناء كتابتها وان من حق الصحافة نشر الاخبار والتعليق عليها وابداء الراي فيها ترسيخا لحق المواطن في المعرفة وللجهات الرقابية للقيام باعمالها وبالتالي فان ما قام به الموقع من نشر تلك الاخبار هو لغايات اطلاع المواطنين والجهات الرقابية ويندرج هذا الفعل تحت باب حرية الصحافة التي كفلها الدستور الاردني وفقا للمادة 15 منه كما ان المادة الثالثه من قانون المطبوعات والنشر اشارت الى ان الصحافة والطباعة حرتان وحرية الراي مكفولة لكل اردني وله ان يعرب عن رايه بحرية القول والكتابة والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير والاعلام كما إن المادة الرابعه من ذات القانون قد نصت (تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الاخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم….)
كما إن المادة السادسة من ذات القانون قد اعطت الصحافة الحق في:
أ. اطلاع المواطن على الاحداث والافكار والمعلومات في جميع المجالات.
ب . افساح المجال للمواطنين والاحزاب والنقابات والهيئات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للتعبير عن افكارهم وآرائهم وانجازاتهم.
ج . حق الحصول على المعلومات والاخبار والاحصاءات التي تهم المواطنين من مصادرها المختلفة وتحليلها وتداولها ونشرها والتعليق عليها.
كما تجد المحكمة ان النيابة لم تقدم أي بينة على توافر القصد الجرمي لدى الظنينين نتيجة نشر هذه الاخبار مما يعني انهدام اركان وعناصر الجرمين المسند للظنينين وبالتالي فان فعلهما لا يشكل جرما ولا يستوجب عقابا)).
مركز إحقاق للدراسات القانونية