أولاً: كنا نعتقد أن تفويض الموظف العام لاختصاصاته كما علمنا أساتذتنا في كليات الحقوق له شروط يجب تتوافر فيه، وإذا تخلفت هذه الشروط أو أحدها على الاقل يجعل من هذا التفويض تفويضاً باطلاً ولا يرتب أثراً.
لقد علمنا أساتذتنا في كليات الحقوق وما زالوا يعلمون الطلبة في كليات الحقوق أن التفويض في الاختصاص لكي يكون تفويضاً صحيحاً يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية:
- يجب أن يكون التفويض مكتوباً.
- يجب أن يكون التفويض بنص قانوني من مستوى النص الذي يعطي الاختصاص للأصيل.
- يجب أن يكون التفويض محدداً موضوعاً (جزئي)، أي أن الأصيل لا يجوز له أن يفوض إلا بعض اختصاصاته للمفوض إليه، ولا يجوز له أن يفوض جميع اختصاصاته.
- يجب أن يكون التفويض محدداً زمانياً (مؤقت) وليس مفتوحاً.
- لا يجوز للمفوض إليه أن يفوض غيره.
ثانياً: تقضي الفقرة (ب) من المادة (5) من قانون الأمن العام بأنه يجوز لمدير الأمن العام أن يفوض خطياً جميع أو بعض الصلاحيات المخولة إليه بموجب القوانين والانظمة المرعية لأي ضابط لا تقل رتبته عن مقدم ما لم يرد نص يخالف ذلك.
وتقضي المادة (39) من قانون الاقامة وشؤون الأجانب بأنه يجوز لوزير الداخلية أن يفوض كل أو بعض اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون لأي من الموظفين المختصين.
ثالثاً: يتضح من النصين القانونيين السابق ذكرهما أن تفويض وزير الداخلية اختصاصاته لأي موظف مختص لا يشترط فيه أن يكون جزئياً ولا يشترط فيه أن يكون مؤقتاً، فالنص القانوني يجيز لوزير الداخلية أن يفوض كل اختصاصاته المقررة له في القانون لأي موظف مختص وللأبد، كما يتضح أيضاً أن تفويض مدير الأمن العام اختصاصاته لأي ضابط لا تقل رتبته عن مقدم لا يشترط فيه أن يكون جزئياً ولا يشترط فيه أن يكون مؤقتاً، فالنص القانوني يجيز لمدير الأمن العام أن يفوض كل اختصاصاته المقررة له في القانون لأي ضابط لا تقل رتبته عن مقدم وللأبد.
رابعاً: تقضي المادة (37) من قانون الاقامة وشؤون الأجانب بأن لوزير الداخلية بتنسيب من مدير الأمن العام حق إبعاد الاجانب وللوزير أن يأمر بتوقيف من تقرر إبعاده مؤقتاً حتى تتم إجراءات الإبعاد.
وفي التطبيق العملي لتفويض الاختصاص فقد أصدر محافظ العاصمة قراراً بصفته مفوضاً من قبل وزير الداخلية بناءاً على تنسيب مدير شرطة العاصمة بصفته مفوضاً عن مدير الأمن العام، ويقضي هذا القرار بإبعاد مواطن سوري عن أراضي المملكة وعدم السماح له بالعودة وتوقيفه لحين الانتهاء من إجراءات الابعاد.
وعند التدقيق في كتب التفويض نجد هناك كتاب تفويض صادر عن وزير الداخلية السابق حسين المجالي بتاريخ (4/6/2013) يفوض بموجبه المفوض إليه وهو (عطوفة محافظ) بشكل عام صلاحياته الواردة في المادة (37)، كما نجد أن هناك كتاب تفويض صادر عن مدير الأمن العام السابق ظاهر الفواز بتاريخ (8/6/2000) يفوض بموجبه المفوض إليه وهو (مدراء الشرطة وقائد قوات البادية الملكية ونوابهم) بشكل عام صلاحياته الواردة في المادة (37).
خامساً: جاء في قرار صادر عن المحكمة الادارية الأردنية بهذا الخصوص ما يلي:
(تجد المحكمة أن هناك تفويض صادر من مدير الأمن العام إلى مدراء الشرطة ونوابهم، وهناك تفويض من وزير الداخلية إلى المحافظين وذلك بناءً على نص قانوني يجيز له تفويض جزءًا من اختصاصاته، وحيث أن التفويض في الاختصاص هو تفويض للسلطة التي لا يغلب عليها الطابع الشخصي، حيث تنتقل بموجبه الاختصاصات من المفوِّض بصفته الوظيفية إلى المفوَض إليه بصفته الوظيفية أيضاً وليس بصفته الشخصية، ويترتب على ذلك أن يظل التفويض سارياً وقائماً حتى لو تغير المفوِّض أو المفوَض إليه، لأن التفويض يكون للمنصب ذاته وليس لشاغله، إلا إذا صدر قرار صريح من الشخص الجديد بإلغائه أو تعديله، مما يكون معه أن ما تم إثارته في مرافعة وكيل المستدعي حول التفويض يتوجب الالتفات عنه لعدم وروده على القرار الطعين).
سادساً: لمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على المرفقات التالية:
أ. ملخص حكم المحكمة الادارية الاردنية في القضية رقم 145/2021.
((القرار
بالتدقيق في البينات المقدمة في هذه الدعوى وبعد المداولة قانوناً نجد أن الوقائع الثابتة في هذه الدعوى تتلخص أن المستدعي سوري الجنسية من مواليد 1979 ومقيم على الأراضي الأردنية وبتاريخ 2/3/2021 نسّب مدير شرطة جنوب عمان بكتابه رقم 9/75/3009 إلى محافظ العاصمة لإبعاد المستدعي عن أراضي المملكة لمخالفته قانون الإقامة وشؤون الأجانب لقيامه بالتسول حيث أصدر محافظ العاصمة قراره رقم (225/2021) بموجب الكتاب رقم ((ج/أ/225/2021/4704)) تاريخ 3/3/2021 متضمناً إبعاد المستدعي عن أراضي المملكة الأردنية الهاشمية وعدم السماح له بالعودة مستقبلاً عملاً بالمادة 37 من قانون الإقامة وشؤون الأجانب وحيث لم يرتضِ المستدعي بالقرار المذكور تقدم بتاريخ 24/3/2021 بهذه الدعوى لدى محكمتنا للطعن به للأسباب الواردة في لائحة طعنه المشار إليها في مستهل هذا القرار.
ابتداءً وقبل الرد على أسباب الطعن تجد المحكمة أن ممثل المستدعى ضده مساعد رئيس النيابة العامة الإدارية وفي لائحته الجوابية ومرافعته أثار دفعًا لرد الدعوى شكلاً لخلو الوكالة من بيان رقم القرار الطعين وتاريخه، وفي مرافعته أثار دفعًا آخر لرد الدعوى شكلاً مفاده عدم الاختصاص كون القرار الطعين يتعلق بأعمال السيادة.
وفي الرد على الدفع المتعلق بعدم وجود رقم وتاريخ القرار الطعين في وكالة المستدعي، وبالرجوع إلى لائحة الدعوى والوكالة تجد المحكمة أن وكيل المستدعي يطعن في قرار الإبعاد الصادر بحق المستدعي، وحيث أن النيابة العامة الإدارية قد أقرَت في لائحتها الجوابية بصدور قرار الإبعاد بحق المستدعي بتاريخ 3/3/2021، مما يكون معه أن الطعن في محله وتكون الدعوى قد خلت من الجهالة بخصوص قرار الأبعاد مما يكون معه أن الدفع في غير محله ومستوجب الرد.
أمَا بخصوص الدفع بعدم الاختصاص كون القرار الطعين يتعلق بأعمال السيادة فتجد المحكمة أن الفقه والقضاء الإداريين استقرَا على أن أعمال السيادة هي تلك الأعمال أو الإجراءات التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارية، فالأعمال الصادرة بناء على وظيفة السلطة التنفيذية الحكومية هي الأعمال الحكومية التي تخرج عن رقابة القضاء الإداري بموجب المادة (5) من قانون القضاء الإداري رقم 27 لسنة 2014، أما الأعمال الصادرة بناء على الوظيفة الإدارية فهي التي تصدر عنها تطبيقًا للقوانين والأنظمة والتعليمات وتصريف شؤون الجمهور والمواطنين فهو عمل إداري وتكون خاضعة للرقابة القضائية، وليس من أعمال السيادة، (انظر قرار محكمة العدل العليا رقم 333/2005 تاريخ 20/10/2005 و114/2001 تاريخ 9/7/2001). وحيث أن القرار الطعين صدر تنفيذًا للقانون ولأمر يتعلق بتصريف شؤون الأفراد فإنه لا يعتبر من أعمال السيادة، مما يكون معه أن الدفع في غير محله ومستوجب الرد، وتكون محكمتنا مختصة لنظر هذه الدعوى.
وفي الموضوع وعن أسباب الطعن: تجد المحكمة أن المادة (37) من قانون الإقامة وشؤون الأجانب وتعديلاته رقم (24) لسنة 1973 تنص على: “للوزير بتنسيب من المدير حق إبعاد الأجانب وله أن يأمر بتوقيف من تقرر إبعاده مؤقتاً حتى تتم إجراءات الإبعاد ولا يسمح للأجنبي الذي سبق إبعاده بالعودة إلى أراضي المملكة إلاّ بإذن خاص من الوزير”.
كما تنص المادة (39) من ذات القانون على: “للوزير أن يفوض كل أو بعض اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون لأي من الموظفين المختصين”.
كما تنص المادة (5/ب) من قانون الأمن العام وتعديلاته رقم (38) لسنة 1965على: “للمدير العام (مدير الأمن العام) أن يفوض خطياً جميع أو بعض الصلاحيات المخولة إليه بموجب القوانين والأنظمة المرعية لأي ضابط لا تقل رتبته عن مقدم ما لم يرد نص يخالف ذلك”.
وحيث أن المستفاد من النصوص أعلاه أن المشرع أعطى لوزير الداخلية أو المفوض عنه سلطة تقديرية بتنسيب من مدير الأمن العام أو المفوض عنه إبعاد الأجانب دون أن يلزمه ببيان السبب لهذا الإبعاد وهي سلطة تقديرية للإدارة لا يحدها إلا سوء استعمال السلطة، وحيث أن القرار الطعين صدر عن المستدعى ضده بموجب تفويض من وزير الداخلية الذي فوّضى صلاحياته المنصوص عليها في المادة (37) من قانون الإقامة وشؤون الأجانب للمحافظين ومنهم (المستدعى ضده) بموجب كتابه رقم (1/تفتيش/151) تاريخ 4/6/2013، كما أن القرار الطعين صدر بناءً على تنسيب من مدير شرطة جنوب عمان بموجب التفويض المعطى له من مدير الأمن العام الذي فوض صلاحياته وفق المادة (5/ب) من قانون الأمن العام لمدراء الشرطة وقائد قوات البادية الملكية ونوَابهم بموجب كتابه رقم (1/5/9817) تاريخ 8/7/2000، وحيث أن المستدعى ضده (محافظ العاصمة) أصدر قراره محل الطعن حفظًا لمقتضيات الأمن والسلامة العامة فيكون القرار الإداري محل الطعن قد صدر بمقتضى صلاحياته التقديرية ووفقًا لأحكام القانون.
وعليه،،، وبما أن الفقه والقضاء الإداريين أجمعا على أن القرار الإداري يحمل قرينة صحته ما لم يرد دليل على خلاف ذلك وبما أن المستدعي لم يقدم أية بينة خطية أو معززات من شانها النيل من القرار الطعين او ما نعاه عليه من عيوب ولم يثبت إساءة استعمال السلطة من قبل الإدارة عند ممارستها لسلطتها التقديرية بالإبعاد، فيكون القرار الطعين قد قام على مسوغاته القانونية والواقعية وصادر عن جهة مختصة بإصداره ويكون القرار الطعين قد صدر متفقًا وأحكام القانون وأسباب الطعن لا ترد عليه والدعوى مستوجبة الرد. (انظر قرار المحكمة الإدارية العليا رقم 251/2017 تاريخ 17/10/2017 ورقم 174/2016 تاريخ 7/6/2016، وقرار محكمة العدل العليا رقم 130/2014 تاريخ 12/6/2014 ورقم 136/2014 تاريخ 5/6/2014).
أمَا بخصوص ما أثاره وكيل المستدعي حول التفويض الصادر عن مدير الأمن العام، فتجد المحكمة أن هناك تفويض صادر من مدير الأمن العام إلى مدراء الشرطة ونوابهم، وهناك تفويض من وزير الداخلية إلى المحافظين وذلك بناءً على نص قانوني يجيز له تفويض جزءًا من اختصاصاته، وحيث أن التفويض في الاختصاص هو تفويض للسلطة التي لا يغلب عليها الطابع الشخصي، حيث تنتقل بموجبه الاختصاصات من المفوِّض بصفته الوظيفية إلى المفوَض إليه بصفته الوظيفية أيضاً وليس بصفته الشخصية، ويترتب على ذلك أن يظل التفويض سارياً وقائماً حتى لو تغير المفوِّض أو المفوَض إليه، لأن التفويض يكون للمنصب ذاته وليس لشاغله، إلا إذا صدر قرار صريح من الشخص الجديد بإلغائه أو تعديله، مما يكون معه أن ما تم إثارته في مرافعة وكيل المستدعي حول التفويض يتوجب الالتفات عنه لعدم وروده على القرار الطعين.
أمَا بخصوص ما أثاره وكيل المستدعي حول حماية اللاجئين فتجد المحكمة أن القانون الدولي أقرَ طرد اللاجئ لدواعي الأمن الوطني أو النظام العام، وحيث أن القرار الطعين صدر بموجب الصلاحيات التقديرية الممنوحة لوزير الداخلية في الابعاد، مما يكون معه أن قرار الإبعاد كان في محله والدفع مستوجب الرد.
لهذا وتأسيسًا على ما تقدم تقرر المحكمة ما يلي:
1- رد الدعوى موضوعًا.
2- عملاً بالمادة 21 من قانون القضاء الإداري رقم 27 لسنة 2014 تضمين المستدعي الرسوم والمصاريف ومبلغ خمسين دينارًا أتعاب محاماة.))
ب. كتاب التفويض الصادر عن وزير الداخلية السابق حسين المجالي رقم (1/تفتيش/151) تاريخ (4/6/2013) الذي يفوض بموجبه المفوض إليه وهو (عطوفة محافظ) بشكل عام صلاحياته الواردة في المادة (37).
ج. كتاب التفويض الصادر عن مدير الأمن العام السابق ظاهر الفواز رقم (1/5/9817) تاريخ (8/6/2000) الذي يفوض بموجبه المفوض إليه وهو (مدراء الشرطة وقائد قوات البادية الملكية ونوابهم) بشكل عام صلاحياته الواردة في المادة (37).
مركز إحقاق للدراسات القانونية