أولاً: لقد أعلنت الحكومة يوم الثلاثاء الموافق (17-3-2020) حزمة من القرارات الجديدة للتعامل مع فيروس كورونا المستجد على أن تطبّق جميع هذه القرارات اعتباراً من الثامنة صباحا من يوم الأربعاء الموافق (18-3-2020) ولمدّة أسبوعين، ومن بين هذه القرارات تعطيل جميع المؤسسات والدوائر الرسميّة، باستثناء قطاعات حيويّة يحدّدها رئيس الوزراء، بناءً على تنسيب الوزير المعني، وتعطيل القطاع الخاص باستثناء القطاع الصحيّ كاملاً وقطاعات حيويّة يحدّدها رئيس الوزراء.
ثانياً: كما قرر رئيس الوزراء الاستمرار بتعطيل الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة أعمالها اعتباراً من صباح يوم الأربعاء الموافق (1/4/2020)، ولمدة أسبوعين (أي حتى منتصف نيسان)، حيث يستثنى من قرار التعطيل القطاعات الحيويّة الحكوميّة التي تتطلّب طبيعة عملها خلاف ذلك، والتي تمّ تحديدها من الوزير المعني، كما تستثنى القطاعات الحيويّة في القطاع الخاصّ التي تمّ تحديدها بقرار من وزير الصناعة والتجارة والتموين أو محافظ البنك المركزي فيما يتعلّق بالقطاع المصرفي، بالإضافة إلى استثناء القطاع الصحّي كاملاً بشقّيه العام والخاصّ.
ثالثاً: ولأننا في دولة قانون ومؤسسات فإنه يفترض أن يمارس مجلس الوزراء ورئيس الوزراء والوزراء صلاحياتهم واختصاصاتهم سنداً لنصوص تشريعية دستورية أو قانونية أو تنظيمية، ويفترض أن يحمل هؤلاء مسؤولياتهم القانونية بخصوص هذه القرارات إذا كانت هذه القرارات أو بعضها مخالفة للقانون أو خاطئة أو أدت إلى نتائج ضارة.
رابعاً: تقضي المادة (45) من الدستور الأردني بأن يتولى مجلس الوزراء مسؤولية ادارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور او اي قانون الى اي شخص او هيئة اخرى، وتعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك.
خامساً: لقد اتخذ مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء حزمة القرارات المشار إليها لمواجهة وباء كورونا، دون سند قانوني لهذه القرارات، ودون سند من قانون الدفاع لإضفاء الشرعية على هذه القرارات كما هو الواجب في دولة القانون والمؤسسات من أجل حماية الموقعين على هذه القرارات، وعدم تحميلهم المسؤوليات القانونية الجزائية والمدنية.
سادساً: إن الاشكالية التي تواجه القطاع الخاص والتي جاءت نتيجة النائبة والجائحة التي يمر بها الوطن تتمثل بالخسائر التي لحقت بهذا القطاع نتيجة التعطيل الطارئ والقاهر الذي لا يد له فيه والذي يمتد لمدة شهر تقريباً، ونخص بالذكر مشكلة دفع أجور العاملين في هذا القطاع، فهل سيتم اعتبار هذه العطلة عطلة رسمية، وبالتالي سيتم دفع أجور العاملين في القطاع كاملة؟؟ أم سيتم تطبيق المادة (50) من قانون العمل؟؟ أم سيصدر رئيس الوزراء أمر دفاع لحل هذه المشكلة؟؟
سابعاً: لقد جاء على لسان وزير العمل أن مدة التعطيل تعتبر عطلة رسمية، وبالتالي يستحق العاملين في القطاع الخاص أجرهم كاملاً،
إن قول وزير العمل الذي يعتبر هذا التعطيل الطارئ والقسري عطلة رسمية هو قول غير واقعي وغير قانوني، فقرار تعطيل القطاع الخاص صدر بلا سند تشريعي، وبالتالي فهو قرار غير مشروع ولا يرتب أثراً، فصلاحية رئيس الوزراء باعتبار هذه العطلة عطلة رسمية هي صلاحية مقيدة وليست مطلقة، وتحكم صلاحياته المادة 45 من الدستور والتشريعات النافذة، حيث تقضي المادة (45) من الدستور بأن تعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك.
ثامناً: تنص المادة (50) من قانون العمل على ما يلي: (إذا اضطر صاحب العمل إلى وقف العمل بصورة مؤقتة بسبب لا يعزى إليه وليس في وسعه دفعة فيستحق العامل الأجر عن مدة لا تزيد على العشرة أيام الأولى من توقف العمل خلال السنة وأن يدفع للعامل نصف أجرة عن المدة التي تزيد على ذلك بحيث لا يزيد مجموع التعطيل الكلي المدفوع الأجر على ستين يوما في السنة).
إن أحكام هذا النص أصبحت منطبقة مع الواقع، وبالتالي تعتبر أحكام هذه المادة حلاً عادلاً لطرفي علاقة العمل (أصحاب العمل والعاملين).
تاسعاً: إن من صلاحيات رئيس الوزراء بموجب المادتين (3 و 4) من قانون الدفاع إصدار أوامر دفاع، حيث تقضي الفقرة (د) من المادة (4) من القانون بأن من صلاحيات دولة رئيس الوزراء أن يصدر أمر دفاع يقضي بتأجيل الوفاء بالالتزامات المستحقة على أصحاب العمل في القطاع الخاص تجاه الدولة من ضرائب ورسوم وأقساط لمؤسسة الضمان الاجتماعي وغير ذلك ليتسنى لأصحاب العمل توفير السيولة للوفاء بالتزامهم تجاه العاملين في القطاع الخاص، وهذا الحل بحاجة لعقد جلسة حوار بين ممثلي القطاع الخاص والحكومة للتوافق على آلية عمل للحلول الناجعة وفق مقتضيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
حمى الله بلدنا الأردن من كل سوء
مركز إحقاق للدراسات القانونية