كتب المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية:
لقد صدر (نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم رقم 90 لسنة 2009 وتعديلاته) بمقتضى الفقرة (ب) من المادة (3) من (قانون العمل رقم 8 لسنة 1996).
هذا وتنص الفقرة (ب) من المادة (3) من (قانون العمل رقم 8 لسنة 1996) على ما يلي:
(ب. تحدد الاحكام التي يخضع اليها عمال الزراعة والعاملون في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية على ان يتضمن هذا النظام تنظيم عقود عملهم واوقات العمل والراحة والتفتيش واي امور اخرى تتعلق باستخدامهم).
السؤال المطروح: هل يجوز أن يتم تنظيم الأحكام التي يخضع إليها عمال الزراعة والعاملون في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم بمقتضى نظام تصدره السلطة التنفيذية (الملك ومجلس الوزراء)
الجواب:
تنص المادة (31) من الدستور على ما يلي:
الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويأمر بوضع الانظمة اللازمة لتنفيذها بشرط ان لا تتضمن ما يخالف احكامها.
إن جميع الأنظمة تصدرها السلطة التنفيذية ممثلة بالملك ومجلس الوزراء وهي بحسب الدستور على نوعين:
الأول: الأنظمة التنفيذية (تنفيذا للقانون الصادرة بمقتضاه) وهي التي تصدر استناداً الى المادة (31) من الدستور والتي يجب أن لا تخالف القانون الذي صدرت بمقتضاه.
الثاني: الأنظمة التشريعية (المستقلة) والتي تصدر استناداً الى الفقرة (2) من المادة (45) والتي تبين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء، أو المادة (114) التي تصدر من أجل مراقبة تخصيص وإنفاق الأموال العامة وتنظيم مستودعات الحكومة، أو المادة (120) التي تبين التقسيمات الإدارية في المملكة وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها ومنهاج إدارتها، وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم.
تعتبر الأحكام التي تضمنها نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم أحكاماً تشريعية لا أحكاماً تنفيذية لقانون العمل، ولا يرد مع هذه الحقيقة أن تنظم هذه الأحكام بموجب نظام يصدر عن السلطة التنفيذية، فليس من اختصاص السلطة التنفيذية إنشاء التشريعات إلا في حدود الأنظمة التشريعية (المستقلة) على نحو ما بينا، فتنظيم عقود عمل العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم واوقات عملهم وراحتهم والتفتيش عليهم وأية أمور اخرى تتعلق باستخدامهم يجب تنظم بالقانون الذي تختص السلطة التشريعية بإصداره.
ولأن الدستور قد بَيَّن اختصاص السلطات العامة التشريعية والتنفيذية، فلا يجوز لأية سلطة أن تتعدى على اختصاصات السلطة الأخرى، ولا يجوز لأية سلطة أن تفوض اختصاصها لأية سلطة أخرى، ولذا فإن السلطة التشريعية لا يجوز لها أن تفوض السلطة التنفيذية بموجب المادة (3) من قانون العمل صلاحية اصدار (نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم)، فهذا التفويض باطل لأن النص الذي تم بموجبه التفويض هو نص قانوني، في حين أن تفويض الصلاحيات لا يكون إلا بنص من مستوى النص الذي يمنح الاختصاص، أي أن التفويض لكي يكون مشروعاً يجب أن يكون بنص دستوري لأن النص الذي يمنح السلطة التشريعية سلطة التشريع هو نص دستوري.
إن مجلس الوزراء إذا كان له صلاحية إصدار أنظمة لتنفيذ القوانين، فليس له إصدار أنظمة تشريعية إلا فيما حدد له الدستور على سبيل الحصر، كما أنه ليس للسلطة التشريعية أن تفوض إختصاصها هذا للسلطة التنفيذية أو غيرها إلا بموجب نص في الدستور الذي يحدد الاختصاصات للسلطات العامة في المملكة، وبالتالي لا يجوز لقانون العمل أن يحيل أمر تنظيم عقود عمل العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم واوقات عملهم وراحتهم والتفتيش عليهم وأية أمور اخرى نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها.
إن النظام الذي يتحدث عنه نص المادة (3) من قانون العمل هو بالضرورة نظام تنفيذي، تصدره الحكومة استناداً للمادة (31) من الدستور، ومن بديهيات علم القانون، أنه لا يجوز للنظام التنفيذي أن يضيف أحكاماً جديدة إلى القانون، كما لا تملك السلطة التشريعية أية صلاحية في الدستور تفوض بموجبها السلطة التنفيذية إصدار أحكام جديدة في النظام تضيفها إلى القانون.
وعليه، فإن نص المادة 3 من قانون العمل مخالف للدستور وكذلك (نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم) هو نظام غير دستوري لأنه صادر عن مجلس الوزراء الذي ليس له صلاحية إصدار أنظمة تشريعية ما عدا تلك الأنظمة التشريعية (المستقلة) التي بَيَّنها الدستور وهي المذكورة أعلاه.