حكمت محكمة صلح جزاء عمان (هيئة القاضي شرف أبو لطيفه) بإعلان عدم مسؤولية المشتكى عليهم (المحامي عيسى المرازيق، وأنس الفقهاء، ومحمد الحلو، ورامي الهاشم – العاملون في المركز الوطني لحقوق الإنسان) عن ارتكاب الجرائم التالية لعدم انطباق أركان الجرائم بحقهم:
- جرم إذاعة أخبار بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي كاذبة من شانها أن تنال من هيبة الدولة ومكانتها خلافاً للمادة (132/1) من قانون العقوبات وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم
- جرم ذم هيئة رسمية خلافاً لأحكام المادة (191) قانون العقوبات وبدلالة المادة (15) من قانون الجرائم الالكترونية.
- جرم التهاون بلا سبب مشروع للقيام بالواجبات الوظيفية خلافاً لأحكام المادة (183) من قانون العقوبات.
وقد جاء حكم المحكمة هذا بعدما ثبت لها أن المدعي العام قد أحال المشتكى عليهم إلى المحكمة بناءاً على شكوى مقدمة من قبل المشتكي د. رحيل غرايبة بصفته رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان ضد المشتكى عليهم لإصدارهم البيانات (1 و 2 و 3 ) إضافة إلى قيامهم بالتوقف عن العمل بتاريخ (17/8/2022) بما يخالف المادة (20) من تعليمات إدارة الموارد البشرية لدى المشتكية، وتحريض موظفي المركز للامتناع أو التوقف عن عملهم، وإلصاق يافطات على مدخل ومحيط المركز تبين اعتراضاتهم على العمل، وأن ذلك يتضمن إساءة للمؤسسة ونشر أخبار غير دقيقة, وقد تبين للمحكمة أن المشتكى عليهم قاموا باعتصامات داخل المركز وقاموا بتعليق يافطات تتضمن العبارات التالية:
((مستمرون في الإضراب حتى إلغاء القرارات .. لا للمحسوبيات … مستمرون في الإضراب حتى إلغاء القرارات … لا للتنفيعات …. الابتعاد عن المحاباة … نرفض سياسة الباب المغلق … مستمرون بالتوقف عن العمل لحين تحقيق مطالبنا … الابتعاد عن المحاباة بالترفيعات … لن نقبل بإعادة صياغة القرارات .. مستمرون حتى إلغاء القرارات .. نرفض القرارات الفردية … إزالة القرارات بدلا من إزالة اليافطات …. لا للمحاباة بالترفيعات … لا للتمييز بين الموظفين … الاعتصام حق مكفول … لغة التهديد أمر مرفوض … لغة التهديد في مؤسسه حكوميه أمر مرفوض..حرية الرأي والتعبير حق مكفول في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية … نرفض القرارات الفردية والتعسفية … المركز ليس للرئيس …فاقد الشيء لا يعطيه …أوقفوا تدمير المركز .. أين أعضاء المجلس الشرفاء … يعني شخص دمر وخرب حزب عمره (400) سنة هل يصعب عليه تدمير مركز عمره (20) سنة .. ضربه مقفي …)).
وقد عللت المحكمة قرارها بإعلان عدم مسؤولية المشتكى عليهم عن الجرائم المسندة لهم وسببته على النحو التالي:
أولاً: فيما يتعلق بجرم إذاعة أخبار بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي كاذبة من شأنها أن تنال من هيبة الدولة ومكانتها خلافا للمادة 132/1 من قانون العقوبات، فتجد المحكمة إن ثبت بحق المشتكى عليهم إذاعة ما ورد في المنشور من ادعاءات دون بينة أو سند إثبات أي أنها كاذبة وتنال من هيبة مؤسسات الدولة وبوعي وإرادة كاملين من قبلهما إلا أن المادة 132/1 من قانون العقوبات ورد بها ( يذيع في الخارج ) ، وأن المشتكى عليهم متواجدون في الأردن وصدر المنشور من الأردن ولم يرد أي بينة أو دلالة على أن هذه الأنباء قد تم إذاعتها أو نشرها من خارج المملكة الأردنية الهاشمية كما هو متطلب وفق المادة محل الإسناد المذكورة أعلاه، وعليه فان عناصر وأركان هذا الجرم لا تكتمل بحق المشتكى عليه مما يوجب على المحكمة إعلان عدم مسؤوليتهم عن هذا الجرم.
ثانياً: فيما يتعلق بجرم ذم هيئة رسمية خلافا لأحكام المادة (191) عقوبات وبدلالة المادة (15) من قانون الجرائم الالكترونية، فتجد المحكمة ابتداء انه لم يثبت قيام المشتكى عليهم بنشر العبارات عبر وسيلة الكترونية, حيث إن الأخبار المنشورة عبر مواقع الكترونية لا تفيد أنهم هم من قاموا بنشرها بل انه تم تصويرهم أثناء حملهم لليافطات, وتجد المحكمة أن جميع العبارات الواردة في اليافطات والتي تتمثل بــ : ((مستمرون في الإضراب حتى إلغاء القرارات .. لا للمحسوبيات … مستمرون في الإضراب حتى إلغاء القرارات … لا للتنفيعات …. الابتعاد عن المحاباة … نرفض سياسة الباب المغلق … مستمرون بالتوقف عن العمل لحين تحقيق مطالبنا … الابتعاد عن المحاباة بالترفيعات … لن نقبل بإعادة صياغة القرارات .. مستمرون حتى إلغاء القرارات .. نرفض القرارات الفردية … إزالة القرارات بدلا من إزالة اليافطات …. لا للمحاباة بالترفيعات … لا للتمييز بين الموظفين … الاعتصام حق مكفول … لغة التهديد أمر مرفوض … لغة التهديد في مؤسسه حكوميه أمر مرفوض..حرية الرأي والتعبير حق مكفول في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية … نرفض القرارات الفردية والتعسفية … المركز ليس للرئيس …فاقد الشيء لا يعطيه …أوقفوا تدمير المركز .. أين أعضاء المجلس الشرفاء … يعني شخص دمر وخرب حزب عمره (400) سنة هل يصعب عليه تدمير مركز عمره (20) سنة .. ضربه مقفي …))، فإن هذه العبارات انصبت على موضوعين أولهما القيام بالاعتصام عن العمل وهذا موضوع جرم التهاون بالقيام بالواجبات الوظيفية المسندة للمشتكى عليهم، وثانيهما هو عبارات بمواجهة مدير المركز مباشرة وقراراته وزعمها أنها فرديه أو تعسفية وان المركز لا يعود للرئيس فقط, فتجد المحكمة أن جميع العبارات لم تتضمن إسنادا لمادة معينة للمركز وكما تم ذكره كانت بمواجهة الرئيس، وأيضاً لا تتضمن إسناداً لمادة، وعليه فإن هذه العبارات ولعدم ثبوت أنها تمثل ذماً بمواجهة المركز المشتكي ولم ترد شكوى من قبل مدير المركز بصفته الشخصية لهذه العبارات بما يتوافق والمادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية, وعليه فانه لا يتوافر كافة أركان وعناصر الجرم محل الإسناد بمواجهة المشتكى عليهم مما يوجب إعلان عدم مسؤوليتهم عنه.
ثالثاً: فيما يتعلق بجرم التهاون بلا سبب مشروع للقيام بالواجبات الوظيفية خلافا لأحكام المادة (183) من قانون العقوبات فتجد المحكمة أنه كما ورد في الكتاب الوارد لدى تحريك دعوى الحق العام فإن المشتكى عليهم اسند لهم الامتناع عن القيام بأعمالهم وان ذلك يخالف تعليمات الموارد البشرية الخاصة بالمركز الوطني لحقوق الإنسان والذي يبين المخالفات الإدارية لعمل المشتكى عليهم وما يترتب من جزاءات إدارية, والتي تجد المحكمة سواء كانت مخالفات عمالية تخضع لتعليمات الموارد البشرية فان اعتصام أو توقف المشتكى عليهم عن العمل هو مخالفه إدارية لا ترقى إلى الجرم الجزائي, حتى وان كانت تخالف نظام الخدمة المدنية فان المحكمة تجد المادة (69) من نظام الخدمة المدنية تفيد أنه (يحظر على الموظف وتحت طائلة المسؤولية التأديبية … أ. ترك العمل أو التوقف عنه دون عذر مشروع يقبله المرجع المختص …)
وعليه تجد المحكمة أن توقف المشتكى عليهم عن العمل أو اعتصامهم على فرض ذلك يبقى ضمن حدود المخالفة المسلكية والتأديبية ولا يرقى إلى الجرم الجزائي لا سيما وعدم ثبوت أن توقفهم ورفع اليافطات هو توقف عن أداء وظيفة معينه أو أن الأعمال الخاصة بالمركز توقفت, وعليه فإن هذه الأفعال لا تنطبق والنموذج القانوني لجرم الإهمال بواجبات الوظيفة وفق المادة (183) من قانون العقوبات مما يوجب إعلان عدم مسؤولية المشتكى عليهم عنه.
مركز إحقاق للدراسات القانونية