قال المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية أن التعديلات الدستورية لعام 2022 التي أقرها مجلس النواب التاسع عشر مؤخراً والتي هي في طريقها للإقرار من قبل مجلس الأعيان والمصادقة عليها من قبل الملك هي تعديلات دستورية لا تمثل ولا تعبر عن إرادة الشعب الأردني وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن الدستور هو عقد اجتماعي بين أفراد الشعب، ويفترض في التعديلات الدستورية لكي تكون معبرة عن إرادة الشعب أن يتم الاستفتاء عليها في استفتاء شعبي لبيان رأي الشعب وقراره بخصوص هذه التعديلات، فالشعب في الدول الديمقراطية هو مصدر السلطات، وينبغي أن لا تقل نسبة التصويت الشعبي على هذه التعديلات عن (50%) من الذين يحق لهم التصويت، وإذا قلت هذه النسبة عن (50%) فهذا يعني أن الشعب غير موافق على إجراء التعديلات.
ثانياً: إن مجلس النواب التاسع عشر الذي أقر هذه التعديلات ليس مجلساً ذا إرادة حرة وليس مجلساً له ولاية عامة وليس مجلساً سيداً لنفسه ولا يمكن أن نعتبره ممثلاً للشعب الأردني، فالدستور الأردني كان دوماً يمنح الملك سلطة مطلقة في حل مجلس النواب الذي يفترض أنه يمثل إرادة الشعب، فالفقرة (3) من المادة (34) من الدستور تقضي بأن (للملك الحق بأن يحل مجلس النواب)، وللملك استعمال هذا الحق دون قيد أو شرط، وهذا النص على هذا النحو يخالف المبادئ الديمقراطية ويخالف مبادئ نظام الحكم البرلماني، وبالتالي لا يمكن أن نعتبر أن مجلس النواب التاسع عشر مجلساً سيداً لنفسه، ولكنه مجلس له سيد وهو الملك وليس الشعب.
ثالثاً: إن مجلس النواب التاسع عشر الذي أقر هذه التعديلات لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال ممثلاً لإرادة الشعب الأردني، فنسبة المقترعين في الانتخابات النيابية التي أفرزت هذا المجلس لم تتجاوز (30%) ممن يحق لهم الاقتراع (على فرض صحة الأرقام الرسمية ونزاهة الانتخابات) وعددهم حوالي (4.14) مليون نسمة، أي أن عدد المقترعين الفعليين لم يتجاوز (1.24) مليون نسمة من أصل (10) مليون نسمة عدد سكان الأردن، وأما من نجح من النواب في هذه الانتخابات فهم لا يمثلون أكثر من (10%) من نسبة المقترعين الذين صوتوا لهم، أي أنهم لا يمثلون أكثر (124) ألف نسمة من سكان الأردن في أفضل الأحوال، فكيف يكون لهؤلاء النواب وبهذا الثقل الشعبي أن يقرروا بخصوص التعديلات الدستورية التي تعتبر تعديلاً على العقد الاجتماعي الشعبي!!؟؟
رابعاً: إن مجلس النواب الذي له صلاحية تعديل الدستور ينبغي أن يكون منتخباً انتخاباً نزيهاً وحراً من قبل الشعب وينبغي أن يعلم الشعب أن مهمة هذا المجلس أو من أحد مهامه هو تعديل الدستور، وينبغي أن لا تقل نسبة المقترعين عن (50%) ممن يحق لهم الاقتراع.