في تحقيق صحفي نشر على موقع حبر تحت عنوان (كيف تركت «التعليمات» أردنيين في الخارج بلا جوازات سفر؟) وأعدته الاعلامية (هبة الحياة عبيدات)، بيّن المحامي اسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية أن تعليمات تجديد جوازات سفر الاردنيين في الخارج هي تعليمات مخالفة للدستور الاردني.
وفيما يلي التحقيق الصحفي كما ورد في المصدر:
كيف تركت «التعليمات» أردنيين في الخارج بلا جوازات سفر؟
رفضت مديرية الأمن العام تجديد جواز سفر الأردني محمد الحوامده (48 عامًا)، الذي يعيش في الإمارات، ويعمل فيها تاجرًا منذ عام 2014. «إحنا لا قادرين نشتغل هون، ولا قادرين نروّح (..) ينتظروا لما نموت في الغربة ونرجع في كفن وحسبي الله ونعم الوكيل» يقول الحوامده.
تسبب رفْض تجديد جواز السفر بتراكم مخالفات على الحوامده بلغت قيمتها 16 ألف درهمًا إماراتيًا (3088 دينارًا أردنيًا) لعدم قدرته على تجديد إقامته. أمّا سبب رفض التجديد فيعود لأنه محكومٌ في ثلاث قضايا تنفيذية في الأردن، لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف دينار. وقد أدى عدم تجديد إقامته إلى توقفه عن العمل، ما تسبب بتردي وضعه الماديّ.
عندما أرسل الحوامده جواز سفره إلى عمّان في محاولة تجديده، راجع شقيقه دائرة الأحوال المدنية والجوازات في محافظة مأدبا، الذين طلبوا منه مراجعة دائرة المخابرات العامة، ليحصل بعد مراجعتها على عدم ممانعة، مع وضع ملاحظة «قيود» ويطلب منه مراجعة الأمن العام.
راجع شقيق الحوامده الأمن العام، حيث تم تزويده بالقضايا وتفاصيلها، وطلبوا منه مراجعة قسم التنفيذ القضائي في منطقة طبربور، الذين منحوه بعد مراجعتهم كتابًا لدائرة الأحوال المدنية. لكن دائرة الأحوال المدنية أعادته إلى المعلومات الجنائية، الذين رفضوا بدورهم طلب التجديد من خلال كتاب رفض لدائرة الأحوال المدنية، لوجود مطالبات مالية عليه. «حكولي القانون تغيّر آخر شهر تسعة من وزير الداخلية وصار إنه لو عليك دينار ما بتجدد جوازك إلا لمّا ما يكون عليك أي مطالبة مالية (..) وحكولي لازم يكون فيه مخالصة»، يقول أحمد، شقيق الحوامده.
قبل أكثر من شهرين على نشر هذا التحقيق، تقدّم شقيق الحوامده بطلب آخر في ظل جائحة كورونا لتجديد جواز محمد، وحصل على موافقة من المعلومات الجنائية، مع الإشارة في الكتاب نفسه إلى وجود مطالبات مالية على محمد.
تقدم محمد بطلب تجديد الجواز في القنصلية الأردنية في دبي نهاية شهر حزيران الماضي، وبحسبه فإنه لا زال ينتظر تواصل القنصلية معه لاستكمال طلبه بدفع رسوم تجديد جوازه. وفي أيلول تلقى الحوامده بريدًا يفيد بالموافقة على طلب تجديد جواز سفره من قبل دائرة الأحوال المدنية والجوازات لاستكمال عملية الدفع.
عالقون في الخارج
بداية العام الجاري، أصدر وزير الداخلية سلامة حماد تعليمات معدلة لتعليمات إصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة لسنة 2019، والمنشورة عام 2020، نصّت على أنّه:
«إذا كان طالب الحصول على جواز السفر قد سبق وأن صدر بحقه أحكامًا قضائية أو متهمًا بقضايا مالية تعود لخزينة حكومة المملكة الأردنية الهاشمية أو قرارات قضائية جزائية قطعية فلا تجدد جوازات سفرهم العادية، ويتم منحهم وثائق سفر اضطرارية للعودة بها إلى المملكة بموافقة وزير الداخلية على أن يتم الحصول على موافقة الجهات الأمنية المعتمدة».
يرى المحامي إسلام الحرحشي أن التعليمات التي صدرت مؤخرًا بداية عام 2020، مخالفة للمادة (9) من الدستور الأردني، والتي تنصّ على أنّه لا يجوز إبعاد أردنيّ من الأردن، كما لا يجوز أن يُحظَر على أردنيّ الإقامة في جهة ما أو أن يمنع من التنقل، ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون. ويكمن وجه المخالفة وفق الحرحشي في أنّ النصّ الدستوريّ يمنع المساس بحق التنقل للأردنيين، وجواز السفر هو بمثابة وسيلة للتنقل، يشكّل عدم تجديده أو وضع قيود على صرفه مساسًا بهذا الحقّ.
كما لا يجوز أن يتوقف صرف جواز السفر الأردني على مراجعة السلطات الأمنية بحسب الحرحشي، فالتعليمات مخالفة للمادة (10) من قانون جوازات السفر، والتي حددت مدة صلاحية الجواز بخمس سنوات، والتجديد لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، أمّا نص «موافقة السلطات التي يحددها الوزير بموجب تعليمات يصدرها لهذا الغرض» الوارد في المادة ذاتها، فيوضّح الحرحشي أن المقصودة به هي السلطات المختصة في إصدار الجوازات الواردة في المادة (2) من القانون، والمحصورة وفق التعريفات بالجهات المختصة وهي وزير الداخلية والقنصل ومدير دائرة الأحوال المدنية والجوازات.
في المقابل؛ ترى المحامية لبنى الطويل أن الأصل فيمن حُكِم بقضايا مالية العودة للأردن، كما تستوجب المصلحة العامة، لعمل تسوية قانونية للقضايا المالية المدان بها، ليكون القضاء هو الفيصل. أمّا الضغط باتجاه عودة المحكوم بقضايا مالية، فاعتبرته ضمن استخدام السلطة لصلاحياتها، لا تقييدًا لحرية المحكوم.
يعمل خالد*، وهو صحفيٌ أردني، في الإمارات منذ سنتين، وقد تقدّم بطلب تجديد جواز سفره للسفارة الأردنية في أبو ظبي، لكنّ طلبه قوبل بالرفض، وطُلب منه مراجعة المحكمة في عمان، ما تسبب في تأخير تجديد إقامته.
تواصل خالد مع محامٍ في عمان ليتمكن من معرفة سبب رفض تجديد جوازه، ليبلغه أن عليه «شيكات»، قام صاحبها بالتقدم بها للمحكمة قبل الموعد المتفق عليه معه، لما سببته له جائحة كورونا من ضيقة مالية. وسدّد خالد قيمة الشيكات كاملةً في نهاية الأمر، ليتمكن من تجديد جوازه. «يعني أنا لو نزلت الأردن وما بعرف إنه عليّ قضية بروح على السجن فورًا إذا ما كنت حامل المبلغ»، يقول خالد.
في عام 2017، تقدمت دائرة الأحوال المدنية والجوازات بسؤال لرئيس المحكمة الدستورية حاليًا هشام التل، والذي كان حينها رئيسًا للمجلس القضائي ومحكمة التمييز، حول طلب تجديد جواز سفر مدين. وبحسب كتاب الجواب الذي اطّلعنا عليه بعد التقدم بطلب حق الحصول على المعلومة، أجاب التل حينها أن وجود دعاوى حقوقية أو منازعة مالية مدنية مع أي أردنيّ مقيم في الخارج، لا تحول دون تجديد جواز سفره، وأنّ عدم تجديد الجواز هو بمثابة عقوبة إضافية على حكم مدنيّ أو نزاع ماليّ.
ووفق جواب التل في الكتاب، فإن العقوبات والتدابير الاحترازية مكانها قوانين العقوبات، ومقصورة على الدعاوى الجزائية، لا قوانين المعاملات المدنية، ما لم يصدر أمرٌ قضائيّ في حالة محددة وفي قضية معينة.
النائب وفاء بني مصطفى ترى أن هذا الرّد من المجلس القضائي يمكن «الاستئناس» به كرأيّ قانونيّ في الحالة الواردة فيه، والمتعلقة بعدم تجديد جوازات سفر المدينين.
تنص المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي وقّع عليه الأردن دون تحفظات، على أنّ:
«لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده».
إذ لا يعتبر العهد الدولي عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية سببًا لتقييد حق التنقل للفرد، كما تنصّ المادة (11) بأنه «لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي».
رغم ذلك، تُوضّح رئيسة قسم التشريعات في المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتورة نهلة المومني، أن حقّ التنقل رغم أنه حقٌ دستوري، لكنه «حق قابل للتقييد ويمكن تقييده ضمن اشتراطات معينة، وأحيانًا يتم تغليب مصلحة على مصلحة أخرى، ولكن يجب أن تكون هذه الاشتراطات واضحة بقانون، وضمن مشاورات وتوافقات».
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان أصدر بيانًا حول هذه التعليمات بداية العام الجاري قال فيه إن التعليمات تمس حقوقًا أساسية من حقوق الإنسان للمواطن الأردني.
محكومون بقضايا أمن الدولة
يعرّف سامر صبيحات نفسه على أنه ناشط سياسي، ويعيش حاليًا في فرنسا كطالب لجوء، بعد أن دفعه عدم تجديد جواز سفره الأردني في تركيا إلى التقدم بطلب لجوء سياسي من السفارة الفرنسية في إسطنبول، والسفر لفرنسا، كما يقول.
وُجّهت لصبيحات تهمتان في المحكمة هما «إطالة لسان على مقام جلالة الملك» و«القيام بالكتابة وعمل يتم عنه إثارة النعرات المذهبية»، وثلاث تهم في محكمة أمن الدولة هي؛ استخدام نظام الشبكة المعلوماتية في الترويج لتنظيم إرهابي، والتحريض على مناهضة الحكم السياسي، وتعكير صلات المملكة مع دولة أجنبية.
سافر صبيحات إلى تركيا في نهاية عام 2015، وقد شمله العفو في القضايا التي كانت مرفوعة عليه أمام المحكمة النظامية، أمّا القضايا التي كانت مرفوعة عليه أمام محكمة أمن الدولة فصدر الحكم عليه غيابيًا بالسجن تسع سنوات، بحسب قوله. حاول صبيحات تجديد جواز سفره عام 2016 خلال تواجده في تركيا، إلّا أنه تلقى ردًا من السفارة الأردنية في أنقرة، يفيد بمنحه وثيقة سفر اضطرارية للعودة إلى الأردن، لا جواز سفر.
يقول صبيحات إن حياته في تركيا بعد رفض تجديد جواز سفره كانت صعبة، حيث كانت حركته محدودة لأكثر من ثلاث سنوات بعد انتهاء إقامته خوفًا من ترحيله، عدا عن غياب حقوقه الأخرى كالتأمين الصحيّ والعمل والزواج. «إنت لما تحرم إنسان من جوازه، وهو الوسيلة لتحركه، فإنت أصدرت حكم عليه بالإعدام»، يقول صبيحات.
تسلسل تعديل التعليمات
صدرت أول تعليمات «إصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة» في عام 2015 في عهد وزير الداخلية حسين المجالي، واشترطت لإصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة موافقة دائرة الأحوال المدنية والجوازات ودائرة المخابرات العامة، وإذا كانت هناك طلبات قضائية في حق طالب الحصول على جواز السفر، كمتهم أو محكوم، فتؤخذ موافقة دائرة المخابرات العامة بناءً على توصية مديرية الأمن العام.
في عام 2017، عُدّلت هذه التعليمات في عهد وزير الداخلية غالب الزعبي، بحيث اشترطت لإصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة موافقة دائرة الأحوال المدنية والجوازات ودائرة المخابرات العامة.[1]
حاولنا التواصل مع وزير الداخلية السابق حسين المجالي للحصول على تعليق بخصوص التعليمات التي صدرت في عهده، لكن لم يتسنّ لنا الوصول إليه، فيما رفض وزير الداخلية السابق غالب الزعبي إبداء أي تصريح حول تعديلات التعليمات التي تمت في عهده.
في عام 2019، تم تعديل التعليمات مرة أخرى في عهد وزير الداخلية سلامة حماد، إذ أضيفت عبارة «وإذا كان طالب الحصول على جواز السفر بحقه طلبات قضائية كمتّهم أو محكوم فتؤخذ موافقة دائرة المخابرات العامة ومديرية الامن العام ولا تجدد جوازات سفرهم العادية ويتم منحهم وثائق سفر اضطرارية للعودة بموجبها إلى المملكة بموافقة وزير الداخلية»، إلى آخر الفقرة (ب).
ثم تم تعديل الفقرة (ب) في المادة (2) مرةً أخرى في عهد حماد، مطلع هذا العام، تحت اسم «تعليمات معدلة لتعليمات إصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة لسنة 2019» بإلغاء نص الفقرة (ب) والاستعاضة عنه بالنص التالي: «وإذا كان طالب الحصول على جواز السفر قد سبق وأن صدر بحقه أحكامًا قضائية أو متهمًا بقضايا مالية تعود لخزينة حكومة المملكة الأردنية الهاشمية أو قرارات قضائية جزائية قطعية فلا تجدد جوازات سفرهم العادية، ويتم منحهم وثائق سفر اضطرارية للعودة بها إلى المملكة بموافقة وزير الداخلية على أن يتم الحصول على موافقة الجهات الأمنية المعتمدة».
في إجابته على سؤال معدّة التحقيق، الذي قدّمته من خلال طلب حق الحصول على المعلومة، حول الأسباب الموجبة لإصدار التعليمات، أجاب وزير الداخلية بالقول: «صدرت هذه التعليمات سندًا لصلاحيتي المنصوص عليها في الفقرة (أ) من قانون جوازات السفر رقم (2) لسنة 1969 وتعديلاته، وذلك بهدف التسهيل على الأردنيين في الخارج عند تجديد جوازات سفرهم العادية». كما رُفض طلب تزويدنا بأعداد طلبات تجديد جوازات السفر خلال الأعوام الخمسة الماضية، للأردنيين الذين صدرت بحقهم أحكام أو المتهمين أو من عليهم قضايا مالية، وتصنيف هذه الطلبات.[2]
بين القوانين الأردنية والمعايير الدولية
بعد تعديلها عام 2011، باتت الفقرة (2) من المادة (9) من الدستور تنص على أنه «لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما أو يمنع من التنقل ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون». حيث أضيفت عبارة (أو يمنع من التنقل) لنصّ المادة.
تقول النائب بني مصطفى إن التعديلات الدستورية عام 2011، وضعت ضمانة دستورية، واشترطت تقييد الحق الدستوري بقانون. وتعقيبًا على تعليمات إصدار وتجديد جوازات السفر العادية للأردنيين المتواجدين خارج المملكة، تقول إن «التعليمات لا ترتقي لدرجة التشريع، والأصل أن تكون إجراءات توضيحية، لا أن تنشئ مراكز قانونية جديدة، خاصةً أن النص الدستوري يحدد ذلك».
بينما يقول الخبير الدستوري ليث نصراوين أنّ «المشرع الأردنيّ كان واضحًا، أجاز تقييد الحقوق لكنه اشترط صراحةً أن ترد بالقانون. والقانون هو ما يصدر عن مجلس الأمة بتشريع، أمّا أن يأتي وزير الداخلية ويقيد حرية التنقل بالتعليمات فهو مخالف للقانون من حيث الإجراءات».
في المقابل، ترى المحامية لبنى الطويل أن الدستور الأردنيّ نصّ على تقييد حرية التنقل، إلا أنّ جميع القواعد التي تنصّ على حرية التنقل والإقامة بالنسبة للأردنيّ هي نصٌّ عام، رافقها قيد بأن تتوافق مع الأحكام المبينة في القانون، وهو موضح في البند (أ) من المادة 11 من قانون الجوازات الأردني، والتي نصّت على إصدار تعليمات في الحالات التي يسمح فيها بتجديد جوازات السفر، وبالتالي هي تعليمات منظمة لآلية منح الأردنيين وتجديد جوازات سفرهم.[3]
هل تضمنت التعليمات الأخيرة خطأً في الصياغة؟
اعتبر بعض القانونيين أنّ نصّ البند (ب) من التعليمات الأخيرة الصادرة في عهد وزير الداخلية الحالي سلامة حماد يتضمن خللًا، حيث وردت فيه عبارة «المتهم بقضايا مالية»، وهنا يقول نصراوين إنّ القضايا الحقوقية يكون فيها مدعى عليه، وليس متهمًا، وبالتالي هذا ضعف في الصياغة.
ويؤكد نصراوين أن المواطن وإن كان متّهمًا في قضية جزائية، فالنص الدستوري في المادة (101) يشير إلى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائيّ قطعيّ، وبالتالي لا يكفي أن يكون متهمًا ليصدر قرار بعدم تجديد جواز سفره، وإنمّا لا بدّ أن يصدر بحقه حكم قضائيّ قطعيّ.
«هنالك قوانين تنفيذ وإجراءات تنفيذ لتحصيل الديون، دون أن يتم الاعتداء على الحقوق الدستورية، حتى لو كان مدينًا أو محكومًا فلا يعني هذا التنكر لحقه الدستوري»، يقول نصراوين.
يوضّح المحامي إسلام الحرحشي بدوره أن الشخص المدّعى عليه في قضية تخصّ خزينة الدولة ولم يصدر فيها حكم يطلق عليه لفظ مدين لا متهم، وبالتالي فإن النص الذي جاء في التعليمات، وهو (المتهم بقضايا مالية) يعتبر خطأً في الصياغة، فهو محكوم بقضايا مالية، والمتهم يكون في قضايا الجنايات فقط.
«الصياغة الموجودة تشمل جميع أنواع القضايا التي صدر فيها أحكام، وكلمة «الأحكام القضائية» تعني بشكل مطلق أي حكم قضائيّ بغض النظر عن الدرجة أو مستوى الحكم، وحتى الحكم الغيابي الذي يمكن أن يبطل ويمكن استئنافه، يمنع تجديد الجواز بناء على التعليمات» يقول الحرحشي.
هل يجوز الطعن بالتعليمات؟
يرى نصراوين أن الطعن الوحيد الممكن هو الطعن بالتعليمات أمام القضاء الإداري، لأن هذه التعليمات غير مشروعة باعتقاده، لكن المشكلة أن الطعن أمام المحكمة الإدارية محددٌ بفترة زمنية قدرها 60 يومًا من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، وبالتالي انتهى موعد الطعن بها، كما أنه من غير الممكن الطعن بدستورية التعليمات، وذلك لأن «المحكمة الدستورية في الأردن مختصة في الطعن في القوانين والأنظمة النافذة، أمّا التعليمات التي يصدرها الوزير، فتخرج عن إطار رقابة المحكمة الدستورية»، يقول نصراوين.
لكن النائب بني مصطفى ترى أن من الممكن الطعن بعدم تجديد جواز السفر أمام المحكمة الإدارية، ليصدر القضاء رأيه القانوني، والذي قد يَستأنس بالرأي القانوني للمجلس القضائي الذي أُرسل لدائرة الأحوال المدنية في حالة محددة بمنازعة مالية مدنية عام 2017.
أمّا المحامي الحرحشي فله وجهة نظر قانونية مختلفة حول الطعن بالتعليمات أمام المحكمة الإدارية، بغض النظر عن أسباب الطعن، إذ يقول «يمكن مدة 60 يوم لا تسري عليها إذا قررت المحكمة أن هذه التعليمات منعدمة، أي أن تكون صادرة من جهة غير مختصة مثلًا. بالإضافة للطعن بالتعليمات، من يتقدم بعملية الطعن إذا صدر قرار خطي برفض تجديد جوازه أو عدم الإجابة على طلبه، يحق له الطعن أمام المحكمة الإدارية».
تم إعداد هذا التحقيق بالتعاون مع منظمة صحفيون من أجل حقوق الإنسان (JHR).