أيدت المحكمة الادارية العليا الحكم الصادر عن المحكمة الادارية القاضي بإلغاء القرار الصادر عن وزير المياه والري المتضمن إحالة الموظف (م.د) على التقاعد المبكر وهو يشغل وظيفة مدير مكتب وزير المياه والقائم بأعمال مستشار وزير المياه والري.
وقد جاء حكم المحكمة هذا بعدما ثبت لها أن الموظف (م.د) حاصل على بكالوريوس علوم إدارة صناعية عام 1995، وقد استخدم لدى مكتب وزير المياه والري على الأجور اليومية بتاريخ 22/3/2000، وبتاريخ 4/11/2001 عين بموجب عقد على حساب المشاريع الرأسمالية براتب (300) دينار بوظيفة إداري لدى مكتب الوزير، وبتاريخ 28/7/2008 تم تعيينه على الوظائف الدائمة غير المصنفة بالدرجة الخامسة بوظيفة إداري لدى مكتب وزير المياه والري وتدرج في السلم الوظيفي وأصبح بتاريخ 31/12/2019 في الدرجة الأولى، وقد كلّف خلال هذه الفترة بمهام وأعمال ومسؤوليات مدير مكتب الوزير وعين مديراً لمكتب وزير المياه والري ومن ثم مديراً لإدارة مكتب وزير المياه وقام بمهام وأعمال وظيفة مستشار وزير المياه والري بالإضافة لوظيفته.
وبتاريخ 21/10/2020 نسّبت لجنة الموارد البشرية في وزارة المياه إلى وزير المياه والري بالموافقة على إنهاء خدمات أن الموظف (م.د) وأصدر وزير المياه والري قراره بالموافقة على التنسيب لإكماله شروط التقاعد المبكر اعتباراً من تاريخ التنسيب، لم يرضَ أن الموظف (م.د) بهذا القرار وتقدم بتاريخ 9/11/2020 لدى المحكمة الإدارية بدعوى للطعن به وطلب إلغاءه، وبتاريخ 17/5/2021 أصدرت المحكمة الإدارية القاضي بإلغاء القرار الصادر عن وزير المياه والري المتضمن إحالة الموظف (م.د) على التقاعد المبكر.
لم يرضَ وزير المياه والري بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية فطعن به لدى المحكمة الادارية العليا التي قررت رد طعن وزير المياه والري وتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الادارية، وقد عللت المحكمة الادارية العليا قرارها وسببته على النحو التالي:
((من الرجوع إلى المادة (173/ب) من نظام الخدمة المدنية رقم (9 لسنة 2020) نجد أنها تنص على ما يلي:
(يجوز للمرجع المختص بالتعيين إنهاء خدمة الموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي بناءً على طلبه أو دون طلبه إذا استكمل شروط الحصول على التقاعد المبكر وفقاً لأحكامه وبناء على تنسيب اللجنة (لجنة الموارد البشرية)).
وحيث أن ما يستفاد من هذا النص القانوني أن المشرع خول الطاعن صلاحية تقديريه بإحالة أي موظف على التقاعد المبكر إذا استكمل شروط الحصول عليه وذلك بتنسيب من لجنة الموارد البشرية دون أن يلزمه ببيان الأسباب أو يقيده بأي قيد أو يرسم له أسلوباً معيناً يسلكه أثناء ممارسة هذه الصلاحية تحقيقاً للمصلحة العامة.
إلا أن سلطة الوزير وإن كانت تقديريه فهي ليست مطلقة، وإنما تجد حدها بحدود المشروعية وأن يكون الهدف من وراء إصدار القرار هو المصلحة العامة وضمان حسن سير العمل بالدوائر الحكومية ذلك أن الإحالة على التقاعد المبكر هو طريق استثنائي للتقاعد المبكر وضعه المشرع للتخلص من الموظف الذي قل إنتاجه وعطاؤه أو الذي لا يستطيع القيام بواجباته الوظيفية على الوجه الأكمل.
وباستعراض ملف المطعون ضده الموظف (م.د) الوظيفي وهو الوعاء الطبيعي لسيرته الوظيفية تجده قد جاء خالياً من أي مخالفة مسلكية مهما نوعها وحصل على عدة كتب شكر وتقدير لما يقوم به من عمل وما كلف به من مهام كما أن تقديره السنوي من عام (2003) ولغاية (2006) جاء بدرجة (جيد جدًا) وباقي تقاريره اللاحقة عام وحتى تاريخ إنهاء خدماته عام (2019) جاء بدرجة (ممتاز).
كما أننا وبالرجوع إلى البينة الشخصية المستمعة بهذه الدعوى والمتمثلة بشهادة الشاهدين عضوي لجنة الموارد البشرية كل من (ف.ع) أمين عام سلطة المياه والري بالوكالة (ع.ق) مستشار أمين عام سلطة المياه (كان يعمل بوظيفة مساعد إداري للأمين العام لسلطة المياه والري نجد أن مصدر القرار الإداري المشكو منه قام باستدعاء عضو لجنة الموارد البشرية بالوكالة وطلب منه بهذه الصفة إنهاء خدمة المطعون ضده بقوله (بدنا نروح الموظف (م.د)) ورفض اعتراض الشاهد المذكور على قرار إنهاء الخدمة واقترح نقله إلى مكان آخر وأصر على تنسيب لجنة الموارد البشرية بإحالة المطعون ضده الموظف (م.د) على التقاعد المبكر ورغم عدم موافقة لجنة الموارد البشرية وقيامها بمقابلة مصدر القرار المشكو منه لمعرفة أسباب إحالة المطعون ضده على التقاعد ورفض مقابلة اللجنة وأصر على توقيع التنسيب وهددهم باتخاذ إجراءات بحقهم في حال عدم التنسيب كما أنه قام بتوقيع كتاب الموافقة على التنسيب قبل توقيع اللجنة على النموذج المعد لذلك وأن اللجنة لم تجتمع ولم تناقش كما أن مندوب ديوان الخدمة المدنية لم يكن موجوداً وقام بالتوقيع في أحد الوزارات الأمر الذي يعني أن تنسيب لجنة الموارد البشرية قد جاء خلافاً لمهامها والغاية من إنشائها وهي إجراء عملية تقييم منهجي وعملي للموارد البشرية تهدف إلى تحديد الاحتياجات الحالية والمستقبلية المطلوبة من الموارد البشرية من حيث أعداد الوظائف ومسمياتها ومستوى المهارات والقدرات المطلوبة ضمن فترة زمنية محددة وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية وتجنب التوظيف الزائد عن الحاجة وضبط الانفاق وتوقع الفائض والنقص في أعداد الموظفين بما يضمن تحقيق أهداف الدائرة وخططها الاستراتيجية، وذلك حسب تعريفها المنصوص عليه في المادة الثانية من نظام الخدمة المدنية رقم (9 لسنة 2020).
كما أن القرار المشكو منه وفي ضوء ما بيّناه من مخالفة للإجراءات وما صاحب صدوره من ممارسات مخالفة للنظام يجعل منه قراراً لا يقوم على سبب صحيح وتنتفي معه قرينة السلامة التي يفترض أن تصاحب القرار الإداري منذ صدوره واستناداً لتنسيب باطل وبذلك يكون القرار المشكو منه قد صدر مخالفاً لنظام الخدمة المدنية ومستوجب الإلغاء)).
مركز إحقاق للدراسات القانونية