أولاً: يعتبر الغذاء هو مصدر الطاقة التي يعيش عليها الإنسان، حيث يقوم الغذاء بإمداد جسم الانسان بكافة الاحتياجات الخاصة من الطاقة وعوامل البناء للخلايا التي تساعد على النمو بصورة صحية خالية من الأمراض التي تتعلق بسوء التغذية، وقد عرف (قانون الغذاء رقم 30 لسنة 2015) الغذاء بأنه (المواد أو المنتجات سواء كانت مصنعة أو شبه مصنعة أو غير مصنعة أو مواد أولية الغاية منها أو يتوقع أن تكون الغاية منها للاستهلاك البشري عن طريق الفم بما فيها المشروبات والعلكة وأي مادة تستخدم في تصنيع الغذاء أو تجهيزه أو معالجته باستثناء الأعلاف والمغروسات والمزروعات بمقتضى قانون الزراعة النافذ والتبغ ومنتجات التبغ والمخدرات والمؤثرات العقلية والأدوية ومستحضرات التجميل بمقتضى قانون الدواء والصيدلية النافذ ومياه الشرب بمقتضى قانون الصحة العامة).
ثانياً: وبموجب قانون الغذاء تعتبر (المؤسسة العامة للغذاء والدواء) هي الجهة الوحيدة المختصة بالرقابة على الغذاء المحلي والمستورد في جميع مراحل تداوله للتأكد من استيفائه لمتطلبات جودة وسلامة الغذاء في المملكة الاردنية الهاشمية، وبموجب القانون تتولى المؤسسة مهام وصلاحيات عديدة نذكر منها – على سبيل المثال – ما يلي:
أ. تطبيق القواعد الفنية وتدابير الصحة التي يعتمدها المجلس على الغذاء سواء كان منتجا محليا أو مستوردا.
ب. القيام بإجراءات تقييم مطابقة الغذاء للمواصفات القياسية والقواعد الفنية.
ج. منع تداول أي غذاء أو إدخاله للمملكة قبل فحصه وثبوت صلاحيته للاستهلاك البشري ومطابقته للشروط المعتمدة لسلامة الغذاء.
د. منع تداول أي غذاء أو إدخاله للمملكة ثبت عدم مطابقته للقواعد الفنية أو تدابير الصحة.
هـ. منح الشهادات الصحية لغايات التصدير للغذاء المنتج محليا وحسب القواعد الفنية وتدابير الصحة المعمول بها في المملكة وفقا لتعليمات يصدرها المجلس.
و. التفتيش على أي مكان يتم تداول الغذاء فيه وعلى العاملين في هذا المكان.
ثالثاً: يقوم موظفو المؤسسة المفوضون بصفتهم ضابطة عدلية بأعمال التفتيش على المؤسسات والمصانع والمرفق التي يتم تداول الغذاء فيها، وفي حالة وجود مخالفات لقانون الغذاء يحررون الضبوطات ويحيلون المخالفين للمحكمة المختصة، ولكن للأسف نجد في بعض الأحيان أن العقوبات التي تفرضها المحاكم لا تتناسب مع حجم الجرم المرتكب، ففي بعض الاحيان يكون الجرم المرتكب هو تداول غداء غير صالح للاستهلاك البشري، والعقوبة التي يفرضها القانون مقابل هذا الجرم هي (الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على عشرة آلاف دينار ومثلي قيمة البضاعة المخالفة المضبوطة بالإضافة إلى إغلاق المكان أو خط الإنتاج المخالف من شهر إلى ثلاثة أشهر كل من تداول غذاء غير صالح للاستهلاك البشري للمرة الثانية)، لكن للأسف نجد بعض المحاكم تحكم بعقوبات مخففة وغير رادعة، ويبرر بعض القضاة هذا التخفيف بالعقوبات بأن القائمين على هذا المنشآت هم مستثمرون ويقدمون الكثير للاقتصاد الوطني ويشغلون الايدي العاملة التي تعيل العديد من الأسر وبالتالي ينبغي مراعاتهم لكي لا يرحلوا باستثماراتهم لخارج الاردن.
رابعاً: لقد قام مركز إحقاق احقاق للدراسات القانونية في اطار واجباته المجتمعية بنشر بعض القضايا التي حكمت بها بعض المحاكم بالإدانة على بعض المستثمرين، لكن هؤلاء المستثمرين قاموا برفع الدعاوى الجزائية والحقوقية ضد أحد أعضاء فريق مركز احقاق، وللأسف كان موقف بعض هيئات المحاكم استنكار التعرض للمستثمرين بدعوى أنهم يقدمون الكثير للاقتصاد الوطني ويشغلون الايدي العاملة التي تعيل العديد من الأسر وبالتالي ينبغي مراعاتهم لكي لا يرحلوا باستثماراتهم لخارج الاردن
خامساً: وفي مثال واقعي على تهاون القضاء نذكر قضية الدجاج الفاسد التي اشغلت الرأي العام الأردني في سنة 2017، ففي هذه القضية التي نظرتها محكمة بداية جزاء عمان كانت النيابة العامة قد اسند للتالية أسماؤهم جرم (جنحة تداول غذاء غير صالح للاستهلاك البشري): 1.. 2….. 3…. 4… 5…. 6…. 7…..
وبعد إجراء المحاكمة أصدرت المحكمة حكمها التالي:
أولاً: إعلان براءة الاظناء كل من (…….) و (…….) وشركة (…….) يمثلها المدعو (…….) و (…….) و (…….) من الجرم المسند إليهم لعدم قيام الدليل القانوني المقنع بحقهم.
ثانياً: إعلان عدم مسؤولية الظنينين (…….) و (…….) من الجرم المسند إليهما.
ثالثاً: تعديل وصف الجرم المسند للظنين (…….) من جنحة تداول غذاء غير صالح للاستهلاك البشري إلى جنحة التدخل في تداول غذاء مغشوشا، وإدانته بهذه الجنحة بوصفها المعدل والحكم عليه بالغرامة ثلاثة آلاف وثلاثمائة وأربعة وثلاثون دينارا والرسوم محسوبة له مدة التوقيف.
رابعاً: تعديل وصف الجرم المسند للأظناء الشركة (…….) و (…….) و (…….) وشركة (…….) وشركة (…….) و (…….) من جنحة تداول غذاء غير صالح للاستهلاك البشري إلى جنحة تداول غذاء مغشوش وإدانتهم بهذه الجنحة بوصفها المعدل والحكم على كل واحد منهم بالغرامة خمسة آلاف دينار والرسوم محسوبة مدة التوقيف للأظناء (…….) و (…….) و (…….).
سادساً: بقي أن نقول أنه إذا أردنا أن نحمي صحة المواطنين الأردنيين من الأغذية الفاسدة ومن جشع بعض التجار وبعض المستثمرين الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية وصحة المواطنين، فإنه لا بد لنا من إعادة النظر في الاجراءات الادارية والقضائية من أجل إيقاع العقوبات العادلة والرادعة بحق كل من تسول له نفسه العبث بصحة المواطنين.
مركز إحقاق للدراسات القانونية