أولاً: تنص المادة (267) من القانون المدني على ما يلي:
- يتناول حق الضمان الضرر الادبي كذلك. فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان.
- ويجوز ان يقضى بالضمان للأزواج وللأقربين من الاسرة عما يصيبهم من ضرر ادبي بسبب موت المصاب.
- ولا ينتقل الضمان عن الضرر الادبي الى الغير الا اذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق او حكم قضائي نهائي.
ثانياً: جاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم (926/2019) ما يلي:
((وعن الأسباب جميعها والتي تنعى بها المميزة على القرار المميز بالخطأ بفسخ قرار محكمة الدرجة الأولى في ما يتعلق بالحكم لها بالتعويض عن الضرر المعنوي الذي لحق بها من جرّاء منافسة المميز ضده لها بصورة غير مشروعة، فإنه ولمّا كان الضرر الأدبي يتناول التعدي على الغير في حريته أو عرضه أو شرفه أو سمعته أو مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي ( م 267 مدني) وكانت المسائل المتقدمة مما يلحق بالشخص الطبيعي ولا تلحق بالشخص المعنوي وهو ما ذهب إليه اجتهاد محكمتنا (قرار تمييز 195/2008و 2817/2013) فإن ما جاء بالقرار الطعين من رد المطالبة به يتفق وصحيح القانون وما استقر عليه الاجتهاد مما يستوجب ردها))
وقد جاء في حكم محكمة التمييز بصفتها الحقوقية رقم (2817/2013) ما يلي:
((نجد من الرجوع إلى أحكام المادة (267/1) من القانون المدني أنها تنص على ما يلي: (يتناول حق الضمان الضرر الأدبي كذلك فكل فعل على الغير في حريته أو عرضه أو شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المعتدي مسؤولاً عن الضمان).
والمستفاد من أحكام هذه المادة بأن المشرع أجاز الحكم بضمان الضرر الأدبي للشخص الطبيعي إذا حصل عليه تعدٍّ في حريته أو عرضه أو شرفه أو مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي مما يعني بأن الضرر الأدبي يصيب الشخص الطبيعي وليس الشخص المعنوي.
وحيث استقر اجتهاد محكمة التمييز بأن أساس الضرر الأدبي هو التعدي الذي يلحق الضرر بالمركز الاجتماعي للفرد لأن كل تعدٍّ على الغير في حريته أو عرضه أو شرفه أو سمعته أو مركزه الاجتماعي أو اعتباره المالي يلزم المتعدي بضمان الضرر (ت . ح 1685/97 هيئة عامة).
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (267) من القانون المدني حددت المستحقين للتعويض عن الضرر الأدبي نتيجة موت المصاب للأزواج والأقربين ولم تحصر المتضررين بالورثة مما نرى معه بأن الضرر المعنوي لا يمس المال ولكن يصيب مصلحة غير مالية ويمكن إرجاعه إلى الحالات التالية:
وعليه فإن الضرر الأدبي بالمعنى المقصود في المادة (267) من القانون المدني هو للشخص الطبيعي وليس للشخص المعنوي.
وحيث توصلت محكمة الاستئناف لخلاف ما توصلنا إليه وقضت للمميز ضدها ببدل ضرر أدبي فيكون قرارها مخالفاً للقانون ومستوجباً للنقض))
ثالثاً: يتبين من أحكام محكمة التمييز الموقرة بأن اجتهادها مستقر على أنه لا يجوز الحكم بالتعويض للشخص المعنوي عن الضرر الأدبي لأن المستفاد من أحكام المادة (267) من القانون المدني – بحسب ما جاء قراراتها – بأن (المشرع أجاز الحكم بضمان الضرر الأدبي للشخص الطبيعي إذا حصل عليه تعدٍّ في حريته أو عرضه أو شرفه أو مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي مما يعني بأن الضرر الأدبي يصيب الشخص الطبيعي وليس الشخص المعنوي)،
وهنا لنا أن نسأل، هل حقاً أن الضرر الأدبي يصيب الشخص الطبيعي ولا يصيب الشخص المعنوي كما جاء في اجتهاد محكمة التمييز الموقرة؟؟ أم أن الضرر الأدبي ممكن أن يصيب الشخص المعنوي كما يصيب الشخص الطبيعي؟؟
نحن نعتقد أن الأمر بحاجة إلى تفصيل،
وبالرجوع للمادة (51) من القانون المدني نجد أنها تنص على ما يلي:
((1. الشخص الحكمي يتمتع بجميع الحقوق الا ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون.
- فيكون له:
أ. ذمة مالية مستقلة.
ب. اهلية في الحدود التي يعينها سند انشائه او التي يقررها القانون.
ج. حق التقاضي.
د. موطن مستقل. ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز ادارته. والشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في المملكة الاردنية الهاشمية يعتبر مركز ادارتها بالنسبة للقانون الداخلي ، المكان الذي توجد فيه الادارة المحلية.
- ويكون له من يمثله في التعبير عن ارادته.))
وبالرجوع للفقرة (1) من المادة (267) من القانون المدني نجد أنها تنص على ما يلي:
((1. يتناول حق الضمان الضرر الادبي كذلك. فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان.))
وبالتالي نرى – بكل تواضع – أن ما ذهبت إليه محكمة التمييز الموقرة من قصر التعويض عن الضرر الأدبي بشكل مطلق على الأشخاص الطبيعية دون المعنوية، ليس صحيحا – مع كل الاحترام - وذلك للأسباب الآتية:
- إن المادة (51) من القانون المدني تقضي بأن الشخص الحكمي يتمتع بجميع الحقوق الا ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون، وبالتالي فأن القاعدة العامة هي مساواة الشخص الطبيعي بالشخص المعنوي في جميع الحقوق والاستثناء هو عدم تمتع الشخص المعنوي بالحقوق الملازمة لصفة الشخص الطبيعي وذلك في الحدود التي يقررها القانون.
- إن الضرر الأدبي لا يقع على صورة واحدة وإنما تتعدد صوره بتعدد صور الحق الذي تم الاعتداء عليه من قبل الغير، لذلك يجب البحث عن الحق الذي تم الاعتداء عليه من قبل الغير؛ هل يثبت هذا الحق للشخص المعنوي كما يثبت للشخص الطبيعي؟ وبعد الإجابة على هذا السؤال نقرر إن كان يستحق الشخص المعنوي التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابه.
- إن الفقرة (1) من المادة (267) من القانون المدني تقضي بأن (يتناول حق الضمان الضرر الادبي كذلك. فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره المالي يجعل المتعدي مسئولا عن الضمان)، وقد بين هذا النص الحقوق التي يقع عليها التعدي، ومما لا شك فيه أن هذه الحقوق يثبت بعضها للشخص الطبيعي دون الشخص المعنوي كالحق في الحرية والحق في عدم الاعتداء على العرض أو الشرف، كما بين الحقوق التي تثبت للشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء كالحق في السمعة والحق في عدم الإضرار بالمركز الاجتماعي والحق في عدم الإضرار بالمركز المالي.
- إن للشخص المعنوي الحق في المحافظة على سمعته ومركزه الاجتماعي ومركزه المالي من كل اعتداء يقع عليه من قبل الغير، فالشركة التي يتم تشويه سمعتها أو نشر معلومات كاذبة عنها يؤثر ذلك على سمعتها وعلى مركزها الاجتماعي وعلى مركزها المالي، وبالتالي تصاب بضرر مادي وأدبي لا محالة،
- إن الفقه متفق على تعويض الضرر الأدبي الذي يصيب الشخص المعنوي، فالأستاذ يوسف نجم جبران الرئيس الأول لمحكمة التمييز في لبنان يقول في مؤلفه في النظرية العامة للموجبات ما نصه: (وحق المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي يعود للأشخاص الطبيعيين كما يعود للأشخاص المعنويين وللأشخاص المعنويين ذوي الصفة العامة كالدولة والبلديات الخ)، ويقول الأستاذ حسين عامر المستشار السابق في محكمة الاستئناف المصرية في مؤلفه المسؤولية المدنية ما نصه: (وليس يقتصر دفاع الشخص المعنوي عما يصيبه من ضرر مادي وحده، أو عما يسيء إلى المصالح العامة التي يمثلها، بل إن له ذمة معنوية، ما يمكن معه أن تصاب بضرر أدبي، وإنما فيما يتصل بالسمعة وما إليها، وفيما عدا ما يتعلق بالعاطفة كالتعويض الذي تطلبه مصلحة البريد لإصلاح ما وقع من ضرر أدبي، باتهام أحد فروعها بالسرقة بغير وجه حق، وعلى هذا النحو للنقابات المهنية والشركات والجمعيات التي تتمتع بشخصية معنوية، أن تطالب بتعويض عما يمس اعتبارها بذاتيتها من ضرر أدبي).
لا شك أنه عندما يشتم أحدهم شخصاً طبيعياً فإن هذا المشتوم يستحق التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق في سمعته ومركزه الاجتماعي، لكن، هل عندما يشتم أحدهم شخصاً معنوياً لا يستحق هذا المشتوم التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق في سمعته ومركزه الاجتماعي؟؟!!
فهل تعيد محكمة التمييز الموقرة النظر في اجتهادها بهذا الخصوص؟؟
مركز إحقاق للدراسات القانونية