لقد أكد جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في ورقته النقاشية السادسة أنه “يجب الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا”.
أولا: تنص الفقرة (1) من المادة (6) من الدستور على ما يلي:
الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
وتنص المادة (22) من الدستور على ما يلي:
- لكل أردني حق في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة في القانون أو الأنظمة.
- التعيين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفايات والمؤهلات.
وتقضي الفقرة (2) من المادة (40) من الدستور بأن يمارس الملك صلاحياته بإرادة ملكية دون توقيع من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين (بإرادة منفردة) في حالات منها:
- تعيين رئيس مجلس الأعيان وأعضائه وحل المجلس وقبول استقالة أو إعفاء أي من أعضائه من العضوية.
- تعيين رئيس المجلس القضائي وقبول استقالته.
- تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها وقبول استقالاتهم.
- تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الأمن العام وقبول استقالاتهم وإنهاء خدماتهم.
- تعيين قاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي وقبول استقالتيهما وإنهاء خدماتهما.
- تعيين المفتي العام وقبول استقالته وإنهاء خدماته.
- تعيين رئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزير البلاط الملكي الهاشمي ومستشاري الملك وقبول استقالاتهم وإنهاء خدماتهم.
ثانياً: جاء في الورقة النقاشية السادسة / سيادة القانون أساس الدولة المدنية / بقلم جلالة الملك عبدﷲ الثاني / 16 تشرين الأول 2016 ما يلي:
ولنتمكن من تعزيز منعتنا ومواجهة التحديات بثقة وصلابة ونحقق النمو والازدهار، هناك موضوع رئيسي أطرحه في هذه الورقة النقاشية؛ وهو بالنسبة لي ما يميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، وهو الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل؛ إنه سيادة القانون المعبِّر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به. إن إعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين.
إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية. أقول هذا لأنني أعرف من التجربة أن كل فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع. بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية.
إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وكما ذكرت، فإن واجب كل مواطن وأهم ركيزة في عمل كل مسؤول وكل مؤسسة هو حماية وتعزيز سيادة القانون. فهو أساس الإدارة الحصيفة التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها. فلا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وذلك بترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والشفافية؛ هذه المبادئ السامية التي قامت من أجلها وجاءت بها نهضتنا العربية الكبرى التي نحتفل بذكراها المئوية هذا العام.
إن مبدأ سيادة القانون جاء ليحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وأفرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية، من خلال ممارسات حقيقية على أرض الواقع. ولا يمكن لأي إدارة أن تتابع مسيرتها الإصلاحية وترفع من مستوى أدائها وكفاءتها دون تبني سيادة القانون كنهج ثابت وركن أساسي للإدارة.
إن التطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار. لذا، تشترك الحكومة وأجهزة الدولة كافة في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات، فمؤسسة البرلمان تمارس دورها في التشريع والرقابة، والقضاء المستقل النزيه والأجهزة الأمنية مناط بها تطبيق القانون، ليطمئن المواطن بأنه يستظل بسيادة القانون الذي يحميه ويحمي أبناءه دون تمييز أينما كان في ربوع هذا الوطن العزيز. وهذا يتطلب بالضرورة تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل وعلى المسؤول قبل المواطن، كما يجب أن يستند إلى تشريعات واضحة وشفافة، وإدارة حصيفة وكفؤة.
إن التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافية وكفاءة يؤدي إلى ضياع الحقوق ويضعف الثقة بأجهزة الدولة ومؤسساتها. كما أن تساهل بعض المسؤولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعدالة ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي قد يقود لفساد أكبر، بل إلى إضعاف أهم ركائز الدولة، ألا وهي قيم المواطنة.
وفي حديث جلالته في تلك الورقة النقاشية عن الواسطة والمحسوبية قال:
لا يمكننا الحديث عن سيادة القانون ونحن لا نقرّ بأن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضوية للمجتمعات، ليس فقط بكونها عائقا يحول دون النهوض بالوطن، بل ممارسات تنخر بما تم إنجازه وبناؤه وذلك بتقويضها لقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وقيم المواطنة الصالحة وهي الأساس لتطور أي مجتمع.
فلا يمكن لنا أن نقبل أو نغض الطرف عن هذه الممارسات التي تُقوِّض أسس العمل العام في خدمة مواطنينا، ولا يمكن أن نجعل من هذه الممارسات وسيلة نحبط بها الشباب المتميز والكفؤ، أو نزرع فيه قناعة بأن مستقبله، منذ إنهائه لدراسته الثانوية وخلال دراسته الجامعية وحتى انخراطه بسوق العمل، مرتبط بقدرته على توظيف الواسطة والمحسوبية لتحقيق طموحه. فأي جيل يمكن أن يحمي سيادة القانون أو أن يدير مؤسساتنا وقد ترسخت الولاءات الفرعية فيه على حساب وطنه؟ وهنا، لا بد من نظرة شمولية لموضوع الشباب، ووضع استراتيجية هادفة وحقيقية تتضمن برامج متطورة يجمع عليها أصحاب الخبرة والمؤسسات الفاعلة في هذا المجال لترسيخ مبادئ المواطنة ودولة القانون وحب الوطن، وتمكين الشباب سياسيا واقتصاديا لتحقيق إمكانياته وتطوير وتوسعة أفقه، بالإضافة إلى توفير المنعة له من الأفكار الظلامية المنحرفة.
كما يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق إليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض الممارسات بهذا الخصوص، والتي أرى فيها تجاوزا على مؤسساتنا وإثقالا لها وللمواطن بموظفين غير أكفياء وتجريدا وحرمانا لها من الكفاءات والقيادات التي تساهم بالارتقاء بها والنهوض بعملها في خدمة الوطن والمواطن. وهنا، لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات.
ثالثاً: لقد أكد جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في ورقته النقاشية السادسة أنه يجب الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا، فهل الدولة الأردنية ملتزمة بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساس ووحيد للتعيينات في المناصب العليا التالية وما في حكمها؟؟ وهل التعيين في هذه المناصب العليا أساسه مبادئ الكفايات والمؤهلات وتكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية كما يقضي الدستور والتشريعات الأردنية والعهود والمواثيق الدولية؟؟
- تعيين رئيس مجلس الأعيان وأعضائه وحل المجلس وقبول استقالة أو إعفاء أي من أعضائه من العضوية.
- تعيين رئيس المجلس القضائي وقبول استقالته.
- تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها وقبول استقالاتهم.
- تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الأمن العام وقبول استقالاتهم وإنهاء خدماتهم.
- تعيين قاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي وقبول استقالتيهما وإنهاء خدماتهما.
- تعيين المفتي العام وقبول استقالته وإنهاء خدماته.
- تعيين رئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزير البلاط الملكي الهاشمي ومستشاري الملك وقبول استقالاتهم وإنهاء خدماتهم.
رابعاً: لقد بيّنت المادة (3) من (نظام القيادات الحكومية رقم 70 لسنة 2024) والمادة (9) من (نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم 33 لسنة 2024) تصنيف الوظائف في القطاع العام وفقاً لطبيعتها والكفايات المرتبطة بها بما فيها المناصب العليا (وظائف الفئة العليا)، وبيّنت هاتان المادتان أن المناصب العليا (وظائف الفئة العليا) هي الوظائف التي يتولى شاغلوها قيادة جهود الموظفين في الدائرة لتنفيذ السياسة العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج، وإدارة الجهاز التنفيذي بما يضمن تحقيق الأهداف الوطنية والقطاعية.
خامساً: إن العمل بالدستور وبالتشريعات الأردنية وبالعهود والمواثيق الدولية وبالورقة النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين وبمبادئ الكفاءة والجدارة وتكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية كمعيار أساس ووحيد للتعيينات في المناصب العليا يوجب ويلزم مجلس الوزراء بالتنسيق مع كل دائرة (أي وزارة أو دائرة أو هيئة أو مجلس أو مؤسسة رسمية عامة أو مؤسسة عامة) تحليل الوظائف القيادية (المناصب العليا) فيها وإعداد بطاقات الوصف الوظيفي المبنية على الكفايات للوظائف القيادية (المناصب العليا) الواردة في إطار الكفايات، كما يوجب ويلزم مجلس الوزراء بالتنسيق مع كل دائرة أن يقوم بمراجعة بطاقة الوصف الوظيفي للوظائف القيادية (المناصب العليا) مرة كل ثلاث سنوات أو عند حدوث تغييرات تستدعي إعادة النظر بالوصف الوظيفي للوظيفة.
سادساً: إن العمل بالدستور وبالتشريعات الأردنية وبالعهود والمواثيق الدولية وبالورقة النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين وبمبادئ الكفاءة والجدارة وتكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية كمعيار أساس ووحيد للتعيينات في المناصب العليا يوجب ويلزم (المرجع المختص بالتعيين) أن يلتزم باختيار الموظف الأكفأ في الوظيفة القيادية (المناصب العليا) ممن تتوافر فيه الكفايات الوظيفية والمؤهلات والخبرات اللازمة لإشغال الوظيفة القيادية (المناصب العليا) الشاغرة وفقاً لبطاقة الوصف الوظيفي شريطة مراعاة أسس التعيين التالية:
- عدم التعيين إلا على وظيفة قيادية شاغرة وبعد اجتياز الموظف للامتحان والمقابلة المقررة لهذه الغاية.
- عدم اختيار أي مرشح دون الإعلان عن الوظيفة القيادية الشاغرة على موقع الإعلانات الحكومية وفي صحيفة يومية محلية واحدة من الصحف الأوسع انتشاراً وعلى موقع الدائرة الرسمي والوسائل الإلكترونية المعتمدة لديها وإتاحة التقدم للوظيفة لمدة لا تقل عن أسبوع.
- أن يتضمن الإعلان المعلومات الأساسية عن الوظيفة القيادية (المناصب العليا) بما في ذلك المسمى الوظيفي وشروط إشغالها والرابط الذي يتم من خلاله الإعلان عن النتائج.
- أن تكون المسابقات التنافسية مبنية على الكفايات الوظيفية وأسس العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص.
- يتم فرز طلبات التوظيف على الوظيفة القيادية (المناصب العليا) وتدقيقها من قبل لجنة متخصصة بالموارد البشرية والتطوير المؤسسي ويتم إعداد محضر يُبين أسماء أصحاب الطلبات المطابقة لشروط إشغال الوظيفة القيادية (المناصب العليا) والطلبات غير المطابقة لها.
- تنشر الدائرة نتائج فرز الطلبات، وتمكن أصحاب الطلبات غير المطابقة من الاعتراض خلال مدة معينة وبطريقة محدده لهذه الغاية.
- تتولى جهة متخصصة بالموارد البشرية والتطوير المؤسسي في الدائرة النظر في الاعتراضات المقدمة واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها والرد عليها خلال مدة معينة من تاريخ تقديم الاعتراض وبطريقة محددة.
- تقوم لجنة وزارية يشكلها مجلس الوزراء (المرجع المختص بالتعيين) بعقد اختبارات لتقييم الكفايات الوظيفية القيادية للمرشحين الذين انطبقت عليهم شروط إشغال الوظيفة القيادية (المناصب العليا) وتحديد القائمة النهائية للمرشحين للمقابلات الشخصية، ويجوز للجنة الاستعانة بأي جهة أخرى لإجراء هذا التقييم.
- يتم عقد المقابلات الشخصية من قبل لجنة وزارية يشكلها مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء.
- يجب أن تكون المقابلات الشخصية مسجلة بالصوت والصورة وعلى الدائرة الاحتفاظ بتسجيل المقابلات لمدة لا تقل عن سنة.
- في حال تساوي نتائج التقييم بين مرشحين أو أكثر يتم إجراء المفاضلة بينهم من قبل رئيس الوزراء.
سابعاً: إن أصحاب الوظائف العليا (المناصب العليا) هم الذين يقودون الدولة إلى النجاح والفلاح والتقدم بين الدول إذا كانوا أكفياء وتم اختيارهم على أسس الكفاءة والجدارة والمساواة والنزاهة والشفافية والحياد، وأما إذا تم اختيارهم على أسس شخصية والواسطة والمحسوبية والشللية وتدوير المناصب، فإن النتيجة تكون كارثية على الدولة، إذ ينتشر الفساد الاداري الذي هو أساس كل فساد في شتى القطاعات، ويعم الظلم والقهر بين الناس، ويعم الغلاء والبلاء والاستبداد وينخفض مستوى معيشة الناس، وينحدر الاقتصاد وتزداد المديونية.
إن أصحاب الوظائف العليا (المناصب العليا) هم الذين يقودون جهود الموظفين العموميين العاديين في دوائر ومؤسسات الدولة لتنفيذ السياسة العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج، وإدارة الجهاز التنفيذي بما يضمن تحقيق الأهداف الوطنية والقطاعية، فإن صلحوا صلحت الدولة، وإن فسدوا فسدت الدولة.
مطالعة قانونية
مركز إحقاق للدراسات القانونية