دفع بعدم دستورية المادة 126 من قانون الاحوال الشخصية المتعلقة بطلب التفريق للشقاق

قررت محكمة التمييز الأردنية (بهيئتها برئاسة رئيس محكمة التمييز ورئيس المجلس القضائي محمد الغزو وعضوية القضاة محمد ‏طلال الحمصي والدكتور فؤاد درادكة) إحالة الدفع بعدم دستورية المادة (126) من قانون الاحوال الشخصية إلى المحكمة ‏الدستورية.‏
يذكر أن هذا الدفع تقدم به المحامي ماهر محمد كريشان لدى محكمة معان الشرعية للطعن بعدم دستورية المادة (126) من قانون ‏الاحوال الشخصية التي تنص على ما يلي:‏
‏((لأي من الزوجين أن يطلب التفريق للشقاق والنزاع إذا ادعى ضرراً لحق به من الطرف الآخر يتعذر معه استمرار الحياة ‏الزوجية سواء كان الضرر حسياً كالإيذاء بالفعل أو بالقول أو معنوياً، ويعتبر ضرراً معنوياً أي تصرف أو سلوك مشين أو مخل ‏بالأخلاق الحميدة يلحق بالطرف الآخر أي اساءة وكذلك إصرار الطرف الآخر على الإخلال بالواجبات والحقوق الزوجية المشار ‏إليها في الفصل الثالث من الباب الثالث من هذا القانون بحيث:‏
أ- إذا كان طلب التفريق من الزوجة و((تحقق القاضي من ادعائها)) بذلت المحكمة جهدها في الإصلاح بينهما فإذا لم يمكن ‏الإصلاح أنذر القاضي الزوج بأن يصلح حاله معها وأجل الدعوى مدة لا تقل عن شهر فإذا لم يتم الصلح بينهما وأصرت الزوجة ‏على دعواها أحال القاضي الأمر إلى حكمين.‏
ب- إذا كان المدعي هو الزوج و((اثبت وجود الشقاق و النزاع)) بذلت المحكمة جهدها في الإصلاح بينهما فإذا لم يمكن الإصلاح ‏أجل القاضي الدعوى مدة لا تقل عن شهر أملاً بالمصالحة وبعد انتهاء الأجل إذا لم يتم الصلح وأصر الزوج على دعواه أحال ‏القاضي الأمر إلى حكمين)).‏
هذا وقد بَيَّن المحامي كريشان النصوص الدستورية التي تم مخالفتها وهي:‏
المادة (6) من الدستور الاردني التي تنص على ما يلي:‏
‏((الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة او الدين)).‏
والمادة (106) من الدستور التي تنص على ما يلي:‏
‏((تطبق المحاكم الشرعية في قضائها احكام الشرع الشريف)).‏
وقال أن المادة (126) من قانون الاحوال الشخصية قد خالفت أحكام الشرع الشريف وأخلت بمبدأ أساسي في الدستور بعدم ‏المساواة بين مراكز الخصوم في الدعوى مما يخل بالمراكز القانونية أمام القضاء والتي كفلها الدستور وتعبر عن روحه وجوهره ‏والمبادئ العليا التي قامت عليها الدولة.‏
وقد ذكر المحامي كريشان في مذكرة الدفع بعدم الدستورية اسباب الطعن وهي:‏
أولاً: إن قانون الاحوال الشخصية في الفقرة (أ) من المادة (126) قد ميّز ومنح المرأة تفضيلا لم يمنحه للرجل حيث قرر اذا ‏كانت الدعوى مرفوعة من المرأة فيكتفى القاضي (بالتحقق) من دعواها ويعفيها من طرق ووسائل الاثبات المعتمدة والمنضبطة ‏التي ألزم الزوج بها، والتحقق وحسب ما استقر عليه التشريع وقرارات المحاكم الشرعية هو:‏
طريقة معتبرة للقاضي يعتمد فيها على وجود بينات أو قرائن أو دلائل أحوال لتصنع في وجدانه قناعة بوجود الشقاق والنزاع ‏المستحكم الموجب للتفريق بين الزوجين.‏
والتحقق يشمل البينة بشقيها ” الشخصية والخطية ” ، كما يشمل الشهادة على السماع، والقرائن المعتبرة سواء كانت إمارة بالغة ‏حد اليقين، أو أمر يشير إلى المطلوب كما في الشكاوى المقدمة من قبل الطرفين لدى المراكز الأمنية أو حماية الأسرة وغيرها.‏
قرار رقم (2442/2019) محكمة استئناف عمان الشرعية
وكون أن التحقق شهادة استكشاف مقيدة بقناعة المحكمة التي هي وجدان القاضي وضميره سندا للفقرة أ/126 من قانون الاحوال ‏الشخصية فلا ينطبق عليها توابع الإثبات من حيث الطعن.‏
قرار رقم (2956/2018) محكمة استئناف عمان الشرعية
وان المقرر شرعا وقانونا ان التحقق يكون بكل ما يولد في وجدان المحكمة القناعة بوجود الشقاق والنزاع من القرائن ودلالة ‏الاحوال والبينات وهو يقع ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع ولا معقب على قراره بذلك.‏
قرار رقم (1410/2015) محكمة استئناف عمان الشرعية
ويترتب على ذلك ما يلي:‏
‏1. السماح بسماع شهادة الاصول للفروع للزوجة المدعية في دعواها وعدم السماح بها للزوج اذا كان مدعيا.‏
‏2. اعفى الزوجة المدعية من حصر البينة والزم الزوج المدعي بها.‏
‏3. لم يسمح للزوج المدعي بمناقشة شهود الزوجة واجاز للزوجة المدعية مناقشة شهود الزوج.‏
‏4. السماح بالشهادة السماعية للزوجة المدعية وعدم السماح بها للزوج المدعي.‏
‏5. لم يشترط على الزوجة المدعية حصر البينة واشترطها على الزوج المدعي.‏
ثانياً: لقد خالفت المادة (126) من قانون الاحوال الشخصية المادة (106) من الدستور التي تنص على (تطبق المحاكم الشرعية ‏في قضائها احكام الشرع الشريف)، وبالرجوع الى مصدر هذه المادة نجد أن قانون الاحوال الشخصية قد أخذها من الامام مالك ‏والذي لم يفرق في البينة بين الزوج والزوجة ولم يأت بما أتت به هذه المادة، وكذلك خالفت هذه المادة اهم القواعد العامة في ‏الاثبات الشرعي وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم (البينة على من ادعى واليمين على من انكر) كتاب الشرح الصغير على اقرب المسالك في ‏فقه الامام مالك /العدوي.‏
ثالثاً: كذلك خالفت الفقرة الرابعة من المادة السادسة من الدستور والتي نصها (الاسرة اساس المجتمع قوامها الدين والاخلاق وحب ‏الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي اواصرها وقيمها) حيث تركت المادة (126) مصير الاسرة لادعاء يخلو من الاثبات ‏الصحيح ويتّبع هوا الزوجة وعواطفها واندفاعها في فصم عرى لبنة اجتماعية هامة، ولم يقوي القانون في هذه المادة عرى ‏الاسرة بل سبب انهيارها.‏

 

مركز إحقاق للدراسات القانونية

 

keyboard_arrow_up